22 نوفمبر، 2024 8:52 م
Search
Close this search box.

التعادي بالأقوال والتوافق بالأفعال!!

التعادي بالأقوال والتوافق بالأفعال!!

المجتمعات في منطقة الشرق الأوسط محكومة بآليات النفاق المعمم التي خلاصتها أن الأقوال عدوانية وموجهة ضد جهة معينة , بينما الأفعال تعزز دور تلك الجهة وتحقق مكاسبها وأهدافها , وما تطمح إليه من هيمنة وقدرات تحكم بمصير المنطقة بكاملها.

ويبدو ذلك واضحا بتصريحات رموز الأنظمة والأحزاب التي تسمي نفسها دينية , وهي تنطلق بالخطب النارية ضد تلك الجهة , وبأفعالها تؤمّن لها ما تريد , بل أنها وبواسطتها قد أنجزت إنتصارات تأريخية ومكتسبات لا تحصل عليها لو شنت هجوماتها بأعتى الأسلحة وأحدث الطائرات.

فالمعممون والملتحون يؤدون مراسيم تدمير المنطقة وتحطيم إرادت أهلها , ويفرشون السجادة الحمراء للذين يسمونهم أو يدعون أمام الناس على أنهم أعداؤهم , وهذا هو النفاق الصارخ المرهون بعمامة ولحية تم إضفاء ما لا يجوز من الصفات التقديسية والتأليهية عليها , لكي تكون ذات صوت مسموع وتبعية عمياء.

فما ينطقون به أكاذيب وخداعات وأضاليل لتمرير اللعبة الإبتلاعية للوجود الحضاري والإنساني للمنطقة , وتحويلها إلى رهينة وسلعة تباع في مزادات متاجراتهم بكل شيئ يتصل بها.

فالعدو الأكبر والحقيقي للوجود الإنساني المعاصر هم هؤلاء الدجالون المتظاهرون بالدين , والمتحزبون المتخندقون وراء مَن يرشدهم إلى بضاعة يبيعونها بثمن بخس , ليشفى غليلهم وتنسكب أحقادهم في أوعية القابضين على مصيرهم بإسم مذهب أو طائفة أو دين.

فالمحنة الجوهرية ليست بوجود عدو , فهذا ديدن الوجود البشري منذ الأزل , فلكل حالة ما يعاديها , وعليها أن تتأهب وتتحدى وتقاوم , وتستثمر قدراتها لكي تبقى وتتنامى وتتفوق , لكنها في الذين يوهمون الناس بأنهم يعملون لصالحهم ويعبّرون عمّا فيهم , وهم الذين يترجمون أجندات أعدائهم والطامعين بتدمير وجودهم.

ولإنجاز هذه المهمة الشائكة المضللة ما وجدوا أفضل من الدين وسيلة سهلة , وفعّالة لأخذ الناس إلى جحيمات سقر الدنيوية على أمل الفوز بجنات النعيم الآخروية , فتراهم يتدافعون كالقطيع المنوّم المخلوع الرأس نحو الهاوية التي يريدها لهم أعداؤهم , والمدّعون بالدين يتبخترون ويتمتعون بما وهبهم عدو المساكين من رزق مهين.

فهل لخروج من غفلة العدم , وإعادة الكرامة للعقل والبصر , أم أن الأجيال ستبقى في مسيرات التدحرج إلى وديان الضياع والسقم؟!!

أحدث المقالات