19 ديسمبر، 2024 12:03 ص

الطاغي في واقعنا العام هو سلوك التشكي والتظلم وعلى كافة المستويات , ويتأكد بوضوح متكرر في الإبداع وخصوصا الشعر , فلن تجد غير البكائيات والرثائيات الذاتية والموضوعية , والنواح على الوجود العربي في كل مكان.
وهو إقتراب سلبي تدميري تمكن من وعي الناس , وهيمن على قدراتهم التعبيرية والتفاعلية مع التحديات , مما جعلهم لا يجيدون سوى الندب , الذي تطور فتحول إلى مسيرات دموع وسفك دماء , وجلد مروع للذات.
ويبدو كظاهرة فاعلة في حياة الأمة وموجهة لخطواتها , المتميزة بالإندحارية والإنكسارية والقنوط , وإستلطاف الوجيع والأنين والداء المهين.
ومن الصعب أن تجد مَن يتحرر من قيود الإستنقاع في الذل والهوان , ولا يستطيب التفاعل الدامع مع المواقف والأحداث.
فالسائد أن ما يحصل يتحقق إستثماره بآليات رثائية موجعة , فالشعر – مثلا – لم يخرج عن أغراضه المتعارف عليها , وبقي يراوح في موضوعاته ويتوهم بأنه يجدد ويأتي بما هو معاصر ومفيد.
فكأنه لكي نتقبّل الإبداع عليه أن يكون باكيا , ومكتوبا بمداد الويلات والجراح والعلل المتعاضلة في أعماق وجودنا المقهور بنا.
وهذه تميزنا عن باقي الأمم التي لا تركن إلى الإذعانية والخنوع , بل تتحدى وتتمسك بجوهرها , وبثقتها بقدراتها على تجاوز محنها وصناعة كينونتها اللائقة بها.
ويساهم في تنمية هذا النهج التأبيني العديد من الكتاب والمثقفين والمفكرين , الذين أصبحوا من أدواته الفتاكة , القاضية بموت الروح الوطنية وإرادة الحياة الحرة الكريمة.
ولا يد من الإنتباه للورطة الحضارية التي وقعنا فيها , ونشد العزم ونؤمن بأننا سنتجاوزها ونكون!!
فاكتبوا بمداد الإصرار والأمل والإيمان بأن مستقبل الأجيال أفضل!!