جرت العادة في بريطانيا ان يقوم العاهل بالقاء كلمة في اعياد الميلاد مهنئا الشعب البريطاني ودول الكومنويث بهذه المناسبة السعيدة في كل عام ويبث التسجيل الكامل عادة في الساعة الثالثة ظهرا وهو وقت مناسبا يتمكن اغلبية المخاطبين سماعه في الوقت المناسب وغالبا ما يستخدم لنشر معلومات غير صحيحة ومقصودة( Misinformation)
الا انه في عام 2020 ارادت القناة الرابعة البريطانية(Channel 4 ) ان تقوم وذلك بنية تحذير المتلقي من الوقوع في فخ الانخداع ان تقوم وبفضل توفر التكنولوجيا الحديثة المساة (ديب فيك) (Deepfake ) بفبكرة الكلمة بشكل مقنع ولكن تماما كلمة غير حقيقية اي مفبركة للتأثير على العموم وبالاخص الاقليات وشعوب دول الكومنولث.
ولكن قبل هذا التطور التكنولوجي وقبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي كانت الأقليات في المجتمعات الغربية على وجه الخصوص تضطر حسب الظروف للاندماج في المجتمعات التي تتواجد فيها لقلة سبل ومنافذ الاتصال والتفاعل مع افراد من اقوامهم او دياناتهم .فكان المرء منهم يضطر للتواصل والتفاعل بشكل كبير مع افراد من اقليات واديان مختلفة وطوائف متعددة وتقل معرفته بلغة الدولة المضيفة وعلى وجه الخصوص بثقافتها.
ومن الطرائف الدارجة في الوطن العربي ان العربي عندما يبتعث لدراسة ما في خارج بلده اوعندما يكون لاجئا او مهاجرا ويسجل في مساقات اللغة الاجبارية كي يتعلم لغة البلد المضيف للتأهيل نراه عوضا عن ذلك يتعلم اغلب هؤلاء الاشخاص أسس وتراكيب لغته الأصلية ويتكلم بها بدل لغة البلد المضيف لان الانسان بطبعه يميل عادة الى التواصل والتفاعل مع أبناء جلدته ولو أحيانا بشكل موقت.
وينطبق الشيء نفسه -أي عدم الاندماج- ليس على الفرد نفسه بل ينطبق على الوحدة الاجتماعية مهما كان حجمها ومن أمثال ذلك انعزال الافراد داخل الاسرة الواحدة الهجينة او الوحدات الاجتماعية الأكبر كالمقاهي والجامعات ووسائل النقل وصالات الانتظار وغيرها . كل ذلك يحدث بفعل الطفرات الكبيرة في ميدان التقدم التكنولوجي وتوظيفها في مجال الاعلام دون دراسة العواقب الاجتماعية والنفسية. وافضل الأمثلة على هذا التطور هو اضمحلال دور جهاز التلفاز في توحيد الاسرة والوحدات الاجتماعية الأكبر. حيث كان التلفاز وقبله المذياع يوجه اهتمام وانتباه الناس الى مصدر اعلامي واحد سمعي او سمعي-مرئي أي يوحد الهدف من خلال توحيد ما يعرض وبالتالي يؤدي الى تفاعل اجتماعي بتنوع الآراء حول ما يبثه هذا المصدر-اي المصدر الاعلامي ( Media Outlet). وبعد المذياع والتلفاز جاء دور شيوع استعمال وسائل التواصل الاجتماعي المختلغة التي وسعت نطاق الحرية الفردية واعطىت الفرد فرصة الاستقلال الذاتي وزادت تلبية مسألة الحاجة الى تنوع الاذواق وحرية الاستمتاع بفرديتة المتلقي وتوسع نطاق معلوماته وتسهيل وتبسيط تفاعله مع من يريد.
فترى الوحدة الاجتماعية حاليا اكثر تفاعلا واكثر اندماجا ومفعمة بالحيوية واكثر استمتاعا بوقتها وفي نفس الوقت تراها اليوم تحن للزمن الجميل مقارنة بتباعد افراد الوحدة الاجتماعية عن بعضهم البعض حيث تتعدد المصادر ويتسع نطاق حرية الاختيار الذاتي وتبادل الاخبار والطرائف والفيديوهات والاشعار والقصائد وكل ذلك له ثمن والمقصود هنا ان مدى توسع حرية الاختيار ( Freedom of choice) له جوانب سلبية حادة أحيانا ومصيرية. ناهيك عن التلاعب بالمادة الإعلامية وتوجيها لتحقيق هدف كما ظهر سلاح مضاد للتزييف كالتحذير من تزييف المادة الإعلامية .
ختاما مهما بلغ التطور التكنولوجي من تقدم سلبا او ايجابا بامكان الانسان التغلب في معظم الاحيان على سلبياته وتطويع ايجابياته واستثمار جوانبه المفيدة في الوقت المناسب ولكن تبقى السلبيات التي غالبا ما يستغلها الاشرار وبشكل مفاجئ لتحقيق بعض المأرب