انها حقيقة وليست مبالغة ان التلفزيون كان له تأثير كبير على الاسرة وهذا امر لا يمكن انكاره. حتى لو كره المرء برامجه فانه لايزال يشاهده. انه كان دائما موجود في حياتنا . انه الشيء الذي كان يجتمع الناس حوله وهذا ما كانت تقوم به الاسر وما كانت تقوم به الجماعات الاخرى ولكن عالم التلفزيون بدأ يختفي.
ويظهر تقرير دولي سنوي حول الطفولة ان هناك ما يرجح ابتعاد الاطفال عن مشاهدة كل ما يتعلق بالبرامج التلفزيونية.
ولأول مرة يكون الاطفال التي تتراوح اعمارهم ما بين 5 الى 16 اكثر احتمالا ان يشاهدوا فيديوهات على اجهزة اخرى مثل اللاب توب والهواتف النقالة بدل مشاهدتها على شاشات التلفزيون ويعني هذا ان مشاهدة التلفزيون مع وبين العائلة اصبحت فعالية خاصة وتتم بشكل فردي وبغياب التفاعل بين افراد العائلة .
ان مشاهدة التلفزيون اصبحت مسالة استعمال سماعة اذن في غرف النوم بدل الجلوس امام التلفاز مع العائلة .
انها نتفليكس على الهاتف المتحرك بدل مشاهدة التفلزيون سوية يوم الاحد. واصبحت المنازل اماكن حيث يتجمع افراد الاسرة لكن منعزلين كل مع هاتفه في مكان واحد وهو بيت الاسرة.
والمعروف ان اجهزة التلفزيون كانت من الاساسيات في المنزل لعدة سنوات ولكنها لم تعد مفضلة لدى الاطفال كما يقول مدير بحث الطفولة سايمن ليكيت.
ان المسالة لا تتعلق بتوقف الشباب عن مشاهدة البرامج والفيديوهات. فقد اظهرت الدراسات الحديثة ان معدلات المشاهدة قد ارتفعت قليلا هذه السنة الى معدل اعلى من ساعتين ونصف في اليوم الواحد.
ولكن لم تعد غرفة الجلوس مكان التجمع ولكن اصبحت في الغالب مكانا لمشاهدة البرامج المعادة المفضلة بشكل صاخب وقلة قليلة من الحضور.
واختفت فكرة انتظار برنامج ما كما اصبحت فكرة قناة تلفزيونية معينة مع جدول للبرامج شيء من الماض .
وقل احتمال تجمع الاسرة حول التلفزيون كما كان الامر في القرن الماضي.
ولم تعد هذه الاشياء تثير عجب الابوين اللذين اصبحا يريان اولادهما وبناتهما ينعزلون في عوالمهم الرقمية. ولكن هذا يعني ان الحياة الاسرية في تغير مستمر ولم يعد الناس يتجادلون حول ما يجب مشاهدته وبعدها يشكون حول اختيارات اباءهم.
ومن غير المحتمل ان يكون الاباء قادرين على الاشراف على ما يشاهدوه الابناء و اصبح الامر مشاهدة حرة للأبناء.
لم يعد التلفزيون كما كان في الماضي يتمثل في مشاهدة الموسيقى الشعبية( بوب ميوزك) وقائمة احسن الفرق الموسيقية ومشاهدة ما يحبه وما لا يحبه الشباب كما في برنامج توب تونتي على ال بي بي سي .
الاولاد في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات لم تكن لهم فرصة للتمييز بين ما يحبونه وما يكرهونه عند مشاهدة التلفاز اما الان يجب ان تكون ثقافة اجماع قبل البدء بالقيام بشيء ما.
وما حدث الان ايضا هو تحول جاء بعد استقطاب وصدى غرف وسائل التواصل الاجتماعي.
فانت أي ان المرء يشاهد كثيرا من مواد يعلم مقدما انه يحبها. فانت لا تشاهد ابدا اشياء ليس من المحتمل ان تتفق معها.
وتقدم حلقات التغذية الراجعة على الاونلاين اكثر مما ذكر اعلاه حيث تقوم بتشريح واستهداف المتلقي بكتل من الاعلانات الودية المريحة.
ويكاد يكون ذلك عكس تماما لفكرة لورد رايث القائلة ان الخدمة العامة للإعلام يجب ان تكون حول اعطاء الناس امور لم يعرفوا بعد انهم سيحبونها.
انها ايضا خطوة اخرى نحو تقلص مراكز التلاقي العمومية فقد اختفت من الاحياء السكنية دوائر البريد وفروع البنوك والحوانيت والبارات.
واصبح التلفزيون الذي كان مكان يجمع العائلة اصبح الان لا اهمية له .