18 ديسمبر، 2024 4:22 م

من الحرق , وهو سلوك فاعل في وجودنا عبر الأجيال , ففينا نزعات سلبية غاشمة لحرق بعضنا , فالأجيال تتحارق , والأفراد تتحارق , وكأن لدينا رغبة للتحول إلى رماد ودخان , ولا يعنينا من أمر الحياة إلا أوهام وأضاليل كان.
في مجتمعاتنا أنوار عقلية إبداعية إبتكارية متنوعة , لكننا نميل إلى تعويقها وتدميرها وتهجيرها والقضاء عليها , فكل ذي عقل عدونا , وكل معمعي صديقنا , فالخنوع مذهبنا , والقطيع مجتمعنا , وإياك أن تنبس بقول عاقل رشيد , لأن الذئاب والكلاب ستحاوطك وستقطّعك إربا إربا.
فعالمنا هذه حقيقته , وما أن تحاول أن ترشد الأجيال , وتنطلق بمشوار معاصر إنساني مفيد , حتى تتحول إلى إنسان يغرّد خارج سرب الوجيع والأنين , وعليك أن تُقذف بألف حجارة من سجيل.
إنها حالات فاعلة فينا ومتوارثة ومتسيّدة وقابضة على مصيرنا , فلا يجوز لنا أن نشجع أخيارنا ومبدعينا والنابغين فينا , بل علينا أن نعاديهم ونقهرهم ونذلهم , وإن شئنا نصفهم بالجنون , وبالكفر والزندقة , وبالعدوان على الدين , الذي نتخذه مشجبا لتعليق ويلاتنا وتبرير نكباتنا , ولسان حالنا يردد على مدى العصور أن الحياة في الدين , وأننا قد غادرنا معاقل ديننا , وذات الأسطوانة لا تزال تدور وتدور , وما تمكنا أن نقدم قدوة حضارية إنسانية نافعة عن الدين العمل.
وهي ذات الأسطوانة المشروخة التي ترددها أنظمة الحكم في دولنا , وتعلنها بلا حياء أن الشعب جاهل , وهي من أجهل الجاهلين بالسياسة والحكم , وما أخذت على عاتقها مسؤولية توعية وتثقيف الشعب , مثلما فعلت الصين بثورتها الثقافية وغيرها من الدول.
وهي أيضا ذات الأسطوانة التي تدوّرها العمائم وتتوهم بأنها تعرف بالدين والناس جهلة , وما كلف نفسه معمم واحد , وجد وإجتهد في تثقيف الناس ومحو أميتهم الكتابية والثقافية , لأن ذلك يهدد مقامه الأمين.
هذه هي أحوالنا المزرية , التي نلقي بتبعية أسبابها على الآخرين , ونتوهم بأننا على صراط مستقيم , وما نخن إلا من المضللين المتوهمين بالمعرفة بالدين , وأفعالنا تكشف عن محتوانا المشين.
فهل من قدرة على إطفاء الحرائق المشبوبة فينا , وهل من وقفة تأمل وتبصّر وإدراك , بأن التحارق يمحقنا أجمعين , فمن يحرق أخاه يحرق نفسه , ومن أولع النار في أي مكان من المجتمع , فأنها ستتمدد وتأكل الأخضر واليابس , فكونوا عباد الله إخوانا!!