22 ديسمبر، 2024 7:42 م

التجنيد الاجباري جريمة ضد الانسانية

التجنيد الاجباري جريمة ضد الانسانية

يعد التجنيد الإجباري في العالم العراق أحد الموضوعات الخبيثة التي يركز عليها الخط الجوكري البعثي والتشريني ورغم مساسها المباشر بحياة الناس خصوصاً الشباب وسلب واضح لحريتهم وقراراهم وتغييب لقدراتهم وتدمير لمستقبلهم وشهاداتهم الدراسية وتخصصاتهم المهنية نرى ان السكوت عن هذا الموضوع بات سمة طبيعية لدى اغلب شرائح المجتمع ولعل هذا السكوت الذي تمارسه أكثر وربما جميع المؤسسات في العراق وحتى احزابه وتوجهاته الاخرى هو الذي دفعني إلى كتابة هذا المقال ولقد اتخذت من تاريخ العراق المأساوي أنموذجاً لاستيعاب خطورة التجنيد الإجباري ومردوداته السلبية في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والتي تقود بالمجمل إلى استنزاف الطاقات البشرية والاقتصادية .

التجنيد الاجباري هو جريمة للإكراه والقسر والاجبار وهو خلاف حرية الفرد والحكم الديمقراطي وايظا خلاف لمفردات الدستور وذلك لان الدستور العراقي كفل حرية الفرد وحق المواطن في ايجاد عيشه كريم له وليس العكس .

التجنيد في العالم نوعان تطوعي وإجباري التطوعي يتقدم فيه الشخص باختياره وأرادته لكي يصبح عضواً في الجيش أما التجنيد الإجباري فهو الذي يؤخذ فيه الإنسان إلى معسكرات التدريب سواء كان راغباً بذلك أو مكرهاً عليه وكلمة (إجباري) كافية للتعبير عن بشاعة هذا النوع من التجنيد لأن الإجبار لا ينسجم مع الشخصية الإنسانية السوية التي تعشق الإرادة الحرة الكريمة ورغم العيوب الكثيرة التي تشوب هذا النوع من التجنيد والويلات والعذابات التي تصيب الشباب بسببه إلا أننا نجد إصراراً غبياً على التمسك به وإبقائه وسيلة لتغذية الجيوش بالعنصر البشري وعسكرة للشعب .!!

التجنيد الإجباري منتشر في العديد من بلدان العالم العربي المتخلفة والغير متطورة كما ان السياسيون في هذه البلدان يطلقون على التجنيد الإجباري عبارة (خدمة العلم) !! لاظهاره بالمظهر الجميل والمنمق في محاول بائسة وسخيفة لتمريره بطرق شيطانية ولا اعلم ماذا يقصدون بالعلم وبخدمته ؟ إنها فعلا اقاويل خبيثه وشيطانية وابليسية بامتياز للاسف الشديد تنطلي وانطلت على الكثيرين !!

إن التجنيد الإجباري في رأي العقلاء جريمة بشعة لا تقل في بشاعتها عن القتل وهي جريمة يقوم بها السياسيون من حيث يشعرون أو لا يشعرون وهي في نظرنا جريمة عقائدية تحديداً جريمة العقيدة السياسية يقوم بها مرتكبها بدوافع فكرية أيديولوجية ضاناً أنه يحسن فعلاً وهو في هذه الحالة لا يختلف عمن يرتدي حزاماً ناسفاً ليفجر به نفسه وسط حشداً من الناس ضاناً أنه سوف ينتقل إلى جنة الخلد ونعيم الآخرة.

االتجنيد الإجباري في نظر الكثيرين من محبي حرية الانسان والتطور جريمة لأنه قائم على الإجبار والإلزام وليس على الاختيار والإرادة الحرة فمن حق الإنسان أن يكون حراً مختاراً وهذا ما تحفظه له قوانين حقوق الإنسان في العالم ناهيك عن القوانين عراقنا الجديد وقد التفتت بعض بلدان العالم إلى تناقض التجنيد الإجباري مع حقوق الإنسان ومع مبادئ الديمقراطية فقامت بإلغائه وهو ما فعله الكونغرس الأمريكي على سبيل المثال في بداية سبعينيات القرن الماضي وهناك الكثير من الدول الاوربية لا تعمل بالتجنيد الاجباري .

. ويفتقد التجنيد الإجباري على الكثير من مقومات الحياة الحرة وعلى كافة المجالات الصحية والاجتماعية والثقافية وحتى الدينية منها فهو بني على استلاب حرية الإنسان وحقه في الاختيار بمعنى حقه في قبول أو رفض الانتماء إلى الجيش لذلك فهو في نظرنا عمل إجرامي مهما قيل عن جودة الخدمات المقدمة إلى المجند أثناء فترة تجنيده .

ولا اعلم ما الغاية من الاصرار على تمريره او طرحه بين فترة واخرى وبقوة على الساحة ولماذا نرى ان اغلب الكتل السياسية تجامل وتساير القنوات والنشطاء الجوكرية والصفحات البعثيه وتقول دائما بقولهم وتؤكد على المضي في تمريره !!؟ لماذا لا تكون المطالبة بان يكون الجيش تطوعي احترافي وليس قهري واجباري !! ؟ افلا يكفينا عسكرة للشعب وهل هنالك داع له فهو مدعاة للحروب والقتل وتدمير المجتمع .

أن عودة التجنيد الاجباري يعني عوده الاكراه والمعاناة والدكتاتورية وعسكره المجتمع وهو يذكرنا بايام الحروب الصدامية العبثيه و ( لبس الزيتوني ) والانقلابات العسكرية وترويج للطائفية المقيته . المجتمعات التي تبحث عن التطور ودعم الشباي هي التي توفر حل لمشكلات المجتمع والشباب منهم بتفعيل فرص العمل والمشاريع الاستثمارية الضخمة وهذا ما يجب ان ندعو له كاستثمار وانشاء طريق الحرير وميناء الفاو الذي يشغل قرابه المليونين من اليد العاملة حسب الخبراء وليس بالتجنيد الاجباري القهري تحيا الشعوب .

لدينا في العراق ما يقارب المليون ونصف المليون من عناصر القوى الامنية وفي مختلف صنوفهم وهم قادرين على حماية البلد من اي تهديدات خارجية او حتى داخلية بكل تاكيد وشهدت لهم سوح الوغى ومحاربة عصابات داعش الارهابية وادخال المزيد من القوة البشرية الى المنظومة العسكرية هو غباء وسذاجه لا يمكن ان يتقبلها العقل اطلاقاً .

يستغل بعض الساسة في العراق والجوكر التشريني البعثي حالة العطالة والبطالة لدى اغلب الشباب العراقي ليروجوا لفكرة اقرار قانون التجنيد الاجباري وبحجج بائسه مثل ( تميع ) الشباب او ذهابهم الى ( الكوفي ) او انتشار ( المخدرات ) وغيرها من الاعذار الواهيه . تنزلنا لو فرضنا ان التجنيد الاجباري هو الحل ! فلماذا لا نهيء لهم مقومات العيش الرغيد ونشغل المصانع والمعامل المعطله ونقوم بتعيين الكفاءات منهم كلا في اختصاصه وحاجه الدوائر له ولماذا لا نعمل على المطالبة بانشاء مشاريع خدمية كبرى لتشغيلهم لاسيما ان العراق يتمتع بموارد اقتصادية وطبيعية كبيرة تكفي لسد الحاجة والقضاء على البطالة وتشغيل الشباب والذين سيدعمون البلد بطاقة اضافية في مجال العمل والتطور كما ان حالة ( التميع ) التي يتحدث عنها البعض لا تشمل الكل فهي حالات شاذه لان اغلب شبابنا مؤمن مضحي وشهدت لهم ساحات القتال ضد الاحتلال الامريكي وعصابات داعش الارهابي وهذا عذر اقبح من الفعل ولا يرتقي بان نحد من حريتهم بارسالهم الى تجنيد اجباري يسلب حريتهم .

الشباب هم الفئة الأكثر تضرراً من التجنيد الإجباري لأنهم الفئة الخاضعة له والمشمولة به لانهم سيتعرضون لويلات وعذابات وتنكيل واحتقار طائفي وتاريخ العراق العسكري يشهد بذلك خاصة ايام تسلط البعث الكافر التجنيد الاجباري هو امتهان لإنسانية الانسان .

للاسف سنبقى نعاني من حجم الاصوات التي تؤيد وتروج لكل ما هو خاطىء وغير مقبول وتبقى المشكلة الكبيرة التي تواجهنا هي ليست إجبار السياسيين على رفض هكذا قوانين خطرة بل إقناع المجتمع والرأي العام بضرورة الكف عن التلويح بقانون التجنيد الاجباري او محاولة تمريره في البرلمان .