23 ديسمبر، 2024 4:55 م

البطش: الأخذ القوي الشديد , التناول بشدة عند الصولة.
البطشة: السطوة
الواقع العربي مؤلم ومعيب ويدعو للأسى والأسف والعجب في وقت واحد , ذلك أن العرب في دوامة التباطش المتأججة الخسرانية التطلعات والأهداف والغايات , وما يؤلم حقا أن العرب يفترسون العرب , وينهكون بعضهم ويُضعفون قدراتهم ويهينون وجودهم , ويرمون باللائمة على الآخر الذي يغتنم الفرص ولا يعنيه من الأمر إلا مصالحه وحسب.
وبعيدا عن تضليلات الإعلام الموجه والمنابر الؤدلجة المشحونة بالأكاذيب والتصورات المخادعة الساعية لتسويغ الويلات والتداعيات , فالقول بأن العرب يتكاتفون ضد العربي القوي لتدميره وإضعافه سلوك مشين ويتمتع بدرجة فائقة من الغباء , وقد فعلها العرب في العراق , وأسهموا بأوجاع ليبيا وسوريا , وهاهم ينقضون على اليمن بعنفوان عدواني شرس مبين.
ولم يكتفوا بذلك فهاهم اليوم يعدون العدة للنيل من دولة قطر , وهي دولة عربية صغيرة المساحة كبيرة التطلعات , تمكنت من إنجاز ما لم تتمكن من إنجازه كبريات دول العرب , فهي أكثر تقدما من معظم الدول العربية , وتشعر فيها بالفخر والقوة والكرامة والأمان والقدرة على الإنجاز.
وقد زرتها ودولة الإمارات العربية , ووجدت آيات التقدم والعمران والمعاصرة والمواكبة , والتفاعل المقتدر مع الطاقات العالمية الكفيلة بصناعة مستقبل أفضل , ففي دبي تنبهر بأشياء متنوعة , وتتمتع بالتفاعل الحي مع الدنيا بما فيها من معطيات جديدة , وفي الشارقة تستشعر بالإرادة الساعية للتقدم والتطور والإهتمام بالثقافة والإبداع , وإحتضان الطاقات العربية المبدعة في مجالات العلم والمعرفة.
ولم أزر عُمان والبحرين والسعودية , ولا أريد الحديث عنها من خلال الإعلام , لأن ما أكتبه مبني على الملاحظة الحرة والمعايشة الواعية للواقع الذي أتناوله , ولست معنيا بالخطأ والصواب وإنما بالإقتراب العلمي الموضوعي , الذي يقرأ الحالة ويستخلص منها ما يترشح عنها ويتأكد فيها.
وأعود إلى دولة الإمارات وقطر وكلي عجب وإستغراب كيف يتم الترويج لزعزعة دول عربية ذات قوة إقتصادية وعمرانية وحضارية معاصرة , ودفعها للتخاصم والتصادم والإستنزاف الشامل لقدراتها المالية والعمل على تعطيل مشاريعها الإنمائية , وذلك بإستعداء بعضها على البعض , وفقا لآليات ومسرحيات وغايات تهدف إلى أخذ المال العربي وتركيع العرب , ومنعهم من الشعور بالقوة والعزة والكرامة والقدرة على المواكبة.
فما يحصل لدولة قطر من قبل جيرانها الأقوياء إقتصاديا فعل غير معقول , ولا يتفق وأبسط بديهيات القوة والحكمة والرجاحة , ويمثل طيشا وبُقلا وخروجا عن التقاليد والأصول المتعارف عليها بين الدول المتجاورة المرتبطة بأخوّة عريقة ومصالح مشتركة.
فماذا تكسب دولة الإمارات من تخاصمها مع قطر؟!
وما هو الإنجاز الذي ستفضي إليه هذه الخصومة؟!!
فمن الواضح أن ما حصل قد تزامن مع الزيارة الميمونة لرئيس أكبر قوة عالمية للمنطقة , وإجتماعه بقادة أكثر من خمسين دولة , مما يثير تساؤلا ويضع العديد من علامات الإستفهام.
فهل أن الحالة أمر مطلوب إثباته؟
وهل أن ما تقوم به الدول المخاصمة لقطر تنفيذ أجندات وأوامر؟!
لا نريد الجزم بجواب , لكن التساؤلات تطرح نفسها , والحالة غير معقولة وتعيد للأذهان ما فعله العرب بالعراق , حيث إشتركت باللعبة العديد من الدول العربية , فتم إنجاز مشروع تحطيم العراق وتدمير قوته ووجوده العمراني والتأريخي والعسكري.
وقد بطش العرب بالعراق , وهاهم يتأهبون للبطش بدولة قطر , وكل باطش سيُبطش به حتما , فالحبل لا يزال على الجرار.
إن في هذا السلوك تعبير واضح عن الإتلاف المروع للمال العربي , بهدره في شراء الأسلحة التي يُراد التخلص منها لأنها أصبحت عديمة الصلاحية , وعليها أن تزال من المخازن لتحل محلها أسلحة متطورة ذات مواصفات معاصرة , ولن تجد شركات الأسلحة أسواقا أكبر من هذه الأسواق التي تجتهد لفتحها في دول العرب الثرية لكي تمتص خزائنها وتدمر بلدانها , والعرب كالمنومين يندفعون بحماسة السذجة البهلاء نحو هذه المقامرات الدامية المهلكة , والمثل القائم ما يتحقق في اليمن من آثام وخطايا بحق البشر الذي يريد بعض حقوق إنسان.
أيها العرب إستثمروا أموالكم بسعادة العرب , لا بقتلهم وترويعهم وسفك دمائهم , فالإجرام لا يمكن أن يختفي وراء قناع ومسميات وأضاليل خائبات!!
فلماذا تنفقون الطيب في الخبيث؟!!