23 ديسمبر، 2024 12:12 ص

التأريخ مُعلمٌ لا يُعلّمُنا!!

التأريخ مُعلمٌ لا يُعلّمُنا!!

المجتمعات الحية تتعلم من التأريخ , وعلى ضوء تجاربها التي تستوعبها وتتمعن بها وتستخلص الدروس منها , ترسم خارطة وجودها في الحاضر والمستقبل.
وكلما تراكمت التجارب تنامت الخبرات وتسددت الخطوات , وإستنارت الأجيال بمشاعل سلوكية ومعرفية ذات قيمة حضارية.
فالمجتمعات تتدارس تجاربها وتتفحص تأريخها وتستخرج منهما ما يصلح لمسيرات الأجيال المتعاقبة.
وخلاصة ما تتعلمه أن لا تكرر ما تسبب بما لا تُحمد عقباه , وأن تجد سبلا أخرى تتفادى بها ما لا تريد.
وهذا قانون بديهي فاعل في المجتمعات على مستوى الأفراد والشعوب , وتشذ عنه مجتمعاتنا التي تمعن بتكرار ذات السلوك الذي أوردها الويلات , فلا يمكنها أن تتعلم من التجربة والتأريخ , وإنما تستحضرهما وتعيشهما مرارا وتكرارا وتطمر الأجيال تلو الأجيال بهما.
وهذه عاهة سلوكية عارمة مزمنة فتاكة , فلو نظرنا في أحوال أية دولة من دولنا , وتأملنا سلوكها منذ منتصف القرن العشرين وحتى اليوم , لتبين لنا أنها تكرر ويلاتها ولا تستطيع التحرر من قبضة التكرار.
ففي بلادنا , تتكرر الحالة ذاتها منذ سقوط المملكة وإلى اليوم , مع إختلاف التسميات , فما عملت الحكومات على حل أبسط المشكلات , فمشكلة السكن التي لا وجود لها في الصين , هي عصية ومزمنة عندنا , وقد أبدعت الحكومات بتعقيدها بقانون إيجار مجحف وظالم يجرّد المالك من حقوقه , مما أوجد مشاكل كبيرة بين المالك والمستأجر , وما إستطاعت جميع الحكومات أن تحقق الأمن الغذائي والصحي وتأمين الرعاية الإجتماعية والتعليم , وإنما التكرار المأساوي وتوليد المشاكل ديدنها.
ويبقى السؤال المحير الذي مفاده لماذا لا نتعلم من التجربة والتأريخ , ولماذا يتحول التأريخ في ديارنا إلى مَهلكة؟!!