18 ديسمبر، 2024 6:24 م

البحث عن الدكتور علي الوردي

البحث عن الدكتور علي الوردي

أفواج من النساء بين كبير وصغير يتقاتل من اجل الحصول على هدية بائسة مجانية لمستحضرات التجميل… وصراخ وتبادل للشتائم في منظر أقل ما يوصف به بأنه مدعاة للأسى!

وجارة تقطع طفلة بريئة إلى أشلاء وتحرقها في فعلٍ ساديٍ متوحش… وفقدان القدرة على الالتقاء بين كثير من أبناء الوطن خطاباً وسلوكاً وممارسات!!

وغيرها كثير…

ظواهر يومية تزداد ويشتد ضغطها، دون معالجة، وقبلها دون تحليل ودراسة للوقوف على وصفها الحقيقي وبيان أسبابها وتكوين تصور عنها بغية الوصول إلى الوصفة الملائمة لها.

تلك الحوادث ليست فردية بعد ان تكررت، كما انها ليست بالسطحية التي تبدو عليها، وإنما هي دلالة بالغة العمق لشديد المتغير المجتمعي الحاد.

هل بتنا بحاجة إلى علي وردي جديد؟ نعم دون شك!

هل غدونا بأمس الحاجة لفتح كتاب المقدمة لإبن خلدون لنقرأ كيف وصف حالنا منذ قرون؟! أكيد، فالتغيرات التي لا يشعر بها الكثير بدأت تظهر في الأفق مثل غيمة سوداء تتجمع لتكون كتلة شديدة الوطأة!

توحش.. هوس.. انفلات.. انحطاط .. تردي .. كلها تصدق على مجتمعنا وتقابلها شعلة باهتة من الأمل، وليس غريب القول ان بقعة النقاء الحالية لن تصمد أمام كتلة السخام المتراكمة!!

ان تعاظم حالة الازدواجية في الشخصية، وتأثيرات مال السحت الحرام في تحقيق الانقسام الطبقي الحاد، والتفكك الاسري، وعوالم المخدرات المظلمة، وتأثيرات الإعلام المنفلت، كل ذلك من الأسباب… والنتيجة انسلاخ عن هوية المجتمع الأصيلة، والغرق في طوفان الممارسات الآثمة والمرفوضة، وكلها في السوء… سواء!

والعلاج الشامل المطلوب ينطلق من انشاء مراكز متخصصة لإعادة تأهيل المجتمع وفئاته ليعود طائعاً راغباً إلى موقعه الإنساني الحقيقي الذي عرف به طيلة قرون.

ويضاف لذلك دور اعلامي بناء، وعمل حكومي متواصل لتنقية الاجواء، وقبل هذا وذاك تعزيز رسالة الدين العظيم ففيه الشفاء.

إننا بحاجة اليوم لمدونات ابن خلدون والوردي مع التحديث المطلوب الذي يوائم تلك المقولات الأساسية والجوهرية مع متطلبات العصر وخصوصياته.. ولا بد من التكاتف والتعاضد لتحقيق ذلك كل من موقعه قبل ان يأكلنا الصدأ ويتحول المجتمع إلى أشلاء!