قال البابا فرنسيس عندما كان يقيم قداسه العظيم عند خرائب أور في الناصرية جنوب بلاد الرافدين ( المحبة تنتصر رغم إنها تبدو ضعيفة في نظر البعض ) وقال في قداس كنيسة الطاهرة الكبرى في الموصل في اليوم التالي : المغفرة للذين إرتكبوا الشرور ضدنا . كلمة مفتاحية للتسامح ونشر السلام وقد كان يعلق على كلام سيدة مسيحية من قرقوش تحدثت له عن قيام داعش بقتل أطفالها وقد أشاد البابا بهذه الكلمة فالمغفرة والمحبة تصنعان السلام على العكس من الثأر والإنتقام والحروب والبغضاء لأنها جامعة للشرور ولا تصنع سلاما دائما بل يظل الناس يتربصون ببعضهم ولذا فالله محبة في الإنجيل ، وفي القرأن : قل إن كنتم تحبون الله فإتبعوني يحببكم الله . وفي الحديث أحبوا بعضكم وتسامحوا وتجاوزوا أخطاء بعضكم ولا تقطعوا الرجاء .
عندما وصل البابا إلى بغداد ونزل من الطائرة التي أقلته من روما بعث بأولى إشارات قيامة العراق الجديدة فهو يقول إنني ضيف على بلاد الأنبياء ، جئت لأنني أشعر بالأمان وأريد ان أؤكد ذلك الأمان ولاحظ كيف إستقبله الناس على جانبي الطريق من المطار إلى المنطقة الخضراء وكيف إستقبله الناس والمسؤولون ورجال الدين وكأنهم جميعا في تلك اللحظة مسيحيون وكأنه مسلم وكأنهم جميعا المسلمون والمسيحيون صهروا في دين واحد دين الله لأنهم يتحدثون إلى إله واحد هو رب الجميع ، وكان إستقبال البابا رائعا وكان قداس سيدة النجاة في الكرادة عنوانا رائعا للتضامن من قبل بابا الفاتيكان مع الضحايا الذين سقطوا قبل سنوات عندما حاصر الدواعش تلك الكنيسة الشهيرة التي تحولت إلى مزار عظيم يعرفه جميع سكان الأرض ويرغبون بزيارته .
في اليوم الثاني طار النورس العراقي من مطار بغداد إلى مطار النجف الأشرف وجال في المدينة العظيمة التي قال سيدها علي بن أبي طالب كلمة كانت عنوان حماية لسكان الأرض حيث حدد العلاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان بعبارة قرأها البابا مباشرة بعد نزوله من الطائرة : الناس إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق .. ولا ثالث لهما . ثم سار على قدميه المنهكتين حيث مقر المرجع الديني الأعلى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني الذي إستقبله أستقبال الأخ والنظير وتحدثا وإتفقا على وحدة البشرية وصلتهم الواحدة بالله بغض النظر عن التعدد في المذاهب والأفكار لأن الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق .
في أور في أقصى الجنوب حيث تقول الروايات أن أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام ولد هناك ، جلس البابا وسط الصحراء وقرب الزقورة وصلى لله وتلا القداس وأستمع للترانيم القدسية وعبر عن الغبطة والسعادة والتضامن ودعا إلى الوحدة والسلام وقد شارك في القداس علماء دين مسيحيون ومسلمون وأيزيديون وصابئة .
عاد البابا عصر السبت إلى بغداد وتوجه إلى كنيسة مار يوسف حيث كرس خطبته الرائعة عن محبة الله وعن الفقراء أبناء الله ، ودعا السياسيين أن يكونوا بمستوى أخلاقي عالي ليؤدوا واجبهم تجاه الشعب وأن يمارسوا من عليهم من مسؤوليات وأن لا يكتفوا بالوعود والتصريحات الزائفة التي لا تتحقق على أرض الواقع وكان تفاعل المؤمنين كبيرا حيث حضر المؤمنون من جميع الطوائف والأديان والقوميات وكانوا سعداء .
في الموصل حيث الدمار الكبير في كنيسة بيعة الحوش جلس البابا بين الأنقاض والحجارة وتحدث عن الصبر والأمل والشجاعة والعبرة وعدم اليأس وإستمرار الرجاء والثقة بالله الواحد الذي يرعى أبناءه وعندما غادر البابا القوش إلى أربيل كان أبناء المدينة يودعونه بالدموع والإبتسامات والهتافات والزغاريد وكان سعيدا بقوة هؤلاء وشجاعتهم ولتكون الأيام القادمة أيام إعمار وبناء وإزدهار وكان الإستقبال الرائع في ملعب الشهيد فرانسو حريري وسط أربيل حيث إمتلأ الملعب بآلاف المسيحيين ليحضروا القداس الكبير .
يعود البابا إلى بغداد ومنها إلى روما ولكنه بهذه الزيارة أعلن والسيد السيستاني شراكة أخوية لبناء الإنسان والمحبة في داخل كل إنسان ، ويعلن من بغداد قيامة العراق .