يبدو ان المرافقين للتغيير العراقي عام 2003 لم يفهموا ان الدولة لا يحافظ عليها بالكلام . ولم يفرقوا بين حياتهم الخاصة قبل السلطة ، وبين ممارستهم للحكم بعد التغيير.فاذا اعتقدوا ان العمليتين هي واحدة سوف لن يستطيعوا حكم الدولة ورعاية المواطنين ، ويبقوا كمن حاول ان يقيم جسرا روحيا فوق هوة الاجيال بروح مسرحية معينة لا نتيجة يرتجى منها بالمطلق .
يبدو ان المغفلين ممن أمتهنوا السياسة قبل التغيير، قد قضوا أوقاتهم كلها في اجتماعات حزبية مبنية على التمني والرجاء وابتكار طرق الخيانة الوطنية لأقناع هذه الدولة او تلك لتقف معهم وتكون هي البديل في أداة التغيير،فكان التوقيع على وثيقة اسلحة الدمار الشامل مع الأمريكيين، وهم جميعا لم يروا العراق منذ عشرات السنين.فكانت الطامة الكبرى التي تزعمها رئيس المؤتمر الوطني وجريدته المؤتمر في لندن فكان التدمير.
نعم السياسة فن حكم البشر، لكن هذا الفن يجب ان تصاحبه تربية أخلاقية لا تأخذ بنظرية الأنانية ومصالح البشرفقط.. لصنع نظام جديد خاص لا يأخذ بالمصلحة الذاتية دون العامة..لان النتائج ستكون عامة وليست خاصة..فاذا كنا نعتقد ان الانسان هو المحور الذي تدور حوله السياسة ..فلا ريب انه هو الجوهر في عملية التغيير.
نحن عاشرنا بعضهم قبل التغيير،وكنا نقدم لهم بعض النصائح في حدود الامكان كي لا ينزلقوا في عملية أكبر منهم ،وليسوا هم بمستواها السياسي والاخلاقي، لكن الرغبة الجامحة في امل التغيير وامتطاء السلطة انساهم حتى حقوق الوطن والضمير..فأي بشر هؤلاء الذين اودع مستقبل الوطن عندهم ..وهم في نفوسهم يحتقرون البشر والوطن أجمعين..فلا تعتبوا عليهم ،حينما انهارت قيم الحياة المقدسة عندهم،واتخذوا من نظرية الرشوة والفساد مذهبا للتعامل معه كشطارة على الوطن والشعب مع أنفسهم والمحتلين والمجاورين.
2
صحيح ان النفس الأنسانية لأمارة بالسوء. لكن القيم حين تخترق تتحول النفس الى خبث يضر حتى بنفوس المتغيرين..فهل نستطيع ان نقول عنهم اليوم- دون أستثناء- كانوا ناكري جميل..متقلبون ..مراؤون…طامعون بالسلطة والمال وليس في ذمتهم وطن ولا شعب أصيل ..نقولها بالفم المليان …نعم .. وهذا ما شاهدناه بعد التغيير مباشرة حين اقدم المعمم والأفندي يقبل أيادي المحتل، ويقبله من فمه على طريقة المتهتكين حبا منهم في زيادة الحرص على الاخلاص له لا للوطن والمواطنين.
ان الوطنية التي تقوم على اساس المصالح الخاصة لا على اساس نبل العمل وحب الوطن وعظمتهما..هي وطنية زائفة تشرى بالمال وليس بالآيمان.فالحب الوطني الذي يرتبط بالأنانية والخيانة وعدم الألتزام بالثوابت الوطنية يتحطم في النهاية ..لأن حبهم ما كان خالصا لوطنهم بل لمصالحهم والاخرين..لذا تبقى عيونهم مفتوحة لكل مكسب باطل جديد.
ونحن نقول لهم :ان الحب الذي يتغذى على الهدايا يبقى جائعا على الدوام.
من خلال المعاشرة مع بعضهم،كنت اجد ان الغالبية تتحدث عن أمنية المال والمنصب،ولم اسمع من احد منهم سواءً كان معمماً ، ام من الأفندية يذكر لنا منهجا ومشروعا وطنيا سيطرح بعد التغيير ..وكان الممثل الاجنبي يتلقف كل ما يقولون وينقله لسيده بحذافيره حتى تحققت القناعة بالتغيير والتدمير..وهي أمنية المغييرين..
هم كانوا يعتقدون ان كل من يساهم في التغيير سيكون خبيثا اذا توفرت لديه سبل التمكين –وهم صادقون-. اذن لماذا لانساهم ونكسب المال والمنصب قبل الأخرين. فالبشر لا يفعلون الخير، الاعند الضرورة..وحين تتوفر حرية التخريب ستكون لديهم فرصة الفوضى المرافقة للأضطراب وعدم النظام …وساعتها نكسب المال والمنصب معاً بعد ان يتداخل الحابل بالنابل..(الفوضى الخلاقة) فمنهم من يسرق ويهرب..ومنهم من ينتظر للمكسب الأخر. وهكذا كان..؟ فلا شريف واحد منهم ابداً..
وهكذا سادت نظرية التدمير عند من كانوا ولا زالوا يحكمون الى اليوم ومن الهاربين ،لكنهم في التبرير شطار ينكرون . فالفعل دليل الاصيل عند التمكين..
3
ان الذين يرجون ان تكون صفة السيادة للشعب والدولة تأتي من شاكلة هؤلاء الفاقدون لها اصلا هم واهمون..ففاقد الشيء لا يعطية…فلا التربية علمتهم
الشجاعة والنبل . ولا الحزب علمهم الوطنية والاخلاص..لكن كل ما تعلموه المصلحة والمال وهذا ما طبقوه على الشعب والوطن. بعد ان ظهر باليقين ـأنهم كلهم دون استثناء ..كذابون ..منافقون ، أنطبق عليهم تماما الشعار العظيم الذي رفعته الجماهير العراقية المظلومة..: (باسم الدين باكونا الحرامية ..).احسن شعار رفع في القرن الحادي والعشرين ..
فلا يبقى الشعب ينتظر منهم انتخابات ومجيء الشباب ..فهم اليوم في مرحلة تبديل الجلود …وما دروا ان تجميل الجلود يأتي بالأقبح بعد التجديد.. وليعلموا كل العراقيين المخلصين ..ان كل الانبياء الذي جاؤا لهداية البشرية ونجحوا كانوا ممن استخدموا السيف تجاه ظلم الأخرين…
فلو كان آورنموا وحمورابي وموسى ومحمد عزلاً… لما استطاعوا ان يجعلوا غيرهم يمارسون شرائعهم أمدا طويلا..
كما يقول كتاب الأمير..
حان الوقت ايها العراقيون …من فاقدي الوطن العزيز … التخلي عن التعصب الديني والعرقي..ويجب الاعتراف ان الحقيقة المذهبية الدينية التي بها تتمسكون باطلا، تتغير وتتطور وليست هي مطلقة ومنقوشة على حجر.