إن الإسلام وكتابه العزيز لا يريد أن يسلب الإنسان حقه في أن يكون حراً ومخـتاراً بل بالعكس أن القرآن يدعم ظاهرة الاختيار لأنها هبة من الله للإنسان وبنـفس الوقت هي مسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى ..
الله سبحانه وتعالى خلق للإنسان فطرة وعقل وضمير لكي تكون هذه كلها جسراً للتواصل مع الله سبحانه وليس للتقاطع فيهتدي من أطاع ويضل من لم يطع …
أن من المؤسف أننا نجد الإنسان حينما يريد أن يشتري شيئاً من المبتكرات الحديثة كالتلفزيون والسيارة وسائر الإجهزة نجد أن هذا الإنسان حريص كل الحرص في اتباع التعليمات المرفقة بهذا الجهاز الذي صنعه المهندس!!
وكذلك تزداد الطاعة وعدم التفكير في العصيان إذا كانت الآلة أضخم كأن يكون مصنعاً أو سلاحاً ثقيلاً أو طائرة أو مفاعل نووي نجد الإنسان لا يفعل فعلاً إلا بعد أن يتقيد بقول الخبـراء في ذلك….
والسبب واضح أنه بالرغم أن له حيزاً من الحرية في أن لا يطيع الخبراء في ذلك ولكنه لا يفكر في ذلك أي في المخالفة لأن النتائج ستکون وخيمة ..
سبحان الله فلماذا يستهترئ الإنسان ويتذرع بالحرية حينما يفتخر وجهراً بأنه لم يأخذ بما أمره الله به ولم يلتزم في ترك ما نهى عنه؟
أليس أن الله سبحانه أعلم من هؤلاء الخبراء؟
أليس أن عدم الطاعة والعصيان وعدم اتباع العدل الإلهي هو سبب الضياع التي تعيشه البشرية جيلاً بعد جيل؟
أليس موت الآلاف من البشر يومياً هو نتيجة هذا العصيان؟
أليس ذلك كله يدل بوضوح أن البشرية سائرة في الصحراء القاحلة بدون هدى بعد أن تحاول أن تقتل كل منـقذٍ لها وهادي ؟
هذا في الدنيا أما في الآخرة فعذاب عظيم وجهنم …
أن الشريعة المقدسة هي عبارة عن هداية الله سبحانه للإنسان من أجل أن يخـتار ما أختاره الله…
لأن الله جعل الأحكام طبقاً للمصلحة الواقعية والمفسدة الواقعية ولم يجعلها طبقاً لما تتراءى كالسراب بالنسبة للإنسان…
فالقرآن الكريم يؤكد ويركز على ذلك بل هو كتاب هداية وكتاب تغيير يرتفع بالإنسان إلى أعلى درجة ممكنة من الكمال…
ولأن الكمال لا متناهي فمسيرة الإنسان نحو النور والكمال مسيرة مستمرة فيها سعادة الدنيا والفوز بالآخرة ونسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون ممن اتبع هداه ورضوانه…