23 ديسمبر، 2024 5:21 م

الاستحمار الواعي !!

الاستحمار الواعي !!

تتميز بعض الشعوب بقابليتها المدهشة للاستحمار وبنسب متفاوتة عبر التاريخ، فالاستحمار لا يحمل ما ركه مسجله الا نادرا”، ولا عقيده محدده للانتشار، حيث تجد شعوبا” متقدمة تمارس على نفسها لعبة الاغماء الارادي او الاستحمار عندما تتنازل عن كرامتها الإنسانية ومنظومة الحقوق، وتَطرِب لمؤثرات واعده بصيرورة جديده. الاستحمار صناعه أصبحت مزدهرة خاصة في الدول العربية وتُرصد لها ميزانيات خرافية، وهناك مدارس خاصه تدرس خرائط الوعي العربي بحيث يتم صياغة اليات الاستحمار بطرق حديثه تحت اشراف اختصاصيين بمختلف المجالات.
 يعتبر الحلف التاريخي بين السياسي ورجل الدين في المنطقة العربية عامل اساسي في استحمار الشعوب العربية من خلال تمرير سياسات لا تحترم الطبيعة الإنسانية للمواطن العربي. فالسياسي يبرمج رجل الدين من اجل تطويع المجتمعات لأجندات شيطانيه لا تناصر قضاياهم الأخلاقية..
أصبح الاستحمار سلاحا ماضيا بعد دخول العرب عصر التقنية الإلكترونية لدرجة انه يمكن مغنطة وعي حشود هائلة من البشر باتجاه لا يمكن توقعه، لمنافاته العقل والإنسانية، كما يحدث الان للشعب العربي في ليبيا, وسوريا والعراق  الاعتداء على اليمن, وتصوير الحرب على أنها مناصرة لشرعية عبد ربه منصور..
للاستحمار ظروف موضوعيه ثابته وذاتيه متنوعة، وقد أجملها مالك بن نبي في استعراض عوامل النهوض الحضاري , بعاملين الاول خارجي يتصل بالقوى الكبرى التي تتحكم بأنظمة الدول من خلال الاستعمار المباشر او شركات متعددة الجنسية ومجلس الامن الدولي, والثاني داخلي وهو الاستعداد النفسي لقبول الاستحمار. هذه العوامل مترابطة مع طبيعة العلاقة بين السياسي ونظام الحكم، من جهة وبين مدى تأثير رجل الدين في بيئته الاجتماعية من جهة ثانيه.
الاستحمار هو الاقناع الممنهج للشعوب او الجماعات البشرية بحقائق مزيفه وتخديرها، واستدراجها للحصول على ردود افعال متوقعه سلفا”, او جعلها تنازل عن حقوقها وامتيازاتها الطبيعية في الحياة الى درجة أ عدم الاحساس بألحاجه اليها. بحيث تشبه عملية الاخضاع والاستجابة طريقة تسخير الحمار في العمل.
 الاستحمار انواع متعددة منها ما هو مناسب لحشود بشريه كبيره، بحيث يكون البناء الاستراتيجي للخداع موجه الى امه بكاملها، مثل التسويق المسرف لشعارات فارغه ,مثلا” في حمل الاخوان المسلمين والكثير من الفرق شعار ( الاسلام هو الحل), فتم استغفال الامه عن حقائق اختلاف المذاهب والفرق فعندما يسُئلون أي اسلام هو الحل !! وبالطبع سيكون مذهب رافع الشعار هو الحل فقط.
  يدخل الاستحمار عميقا” في المذاهب او الاديان  فيتم توظيف الطقوس والشعائر الدينية او الاستجابات التي يظهرها اللاشعور لأجل استدرار العواطف وحشد الجموع لهدف سياسي غير ظاهر أنيا”, من خلال توظيف النص الديني في تحديد مسارات الحركة الواعية وغير الواعية للإنسان , فمثلا” ليس حريا” بالمسلم ان يرفض الظلم, بحجة ان حقوقه سينالها يوم القيامة, او عندما يكون مظلوما” فيجب ان يشكو همه الى الله ويقبل بقدره, ولاجدوى من محاربة الظلم, ليأتي رجل الدين بعشرات النصوص تجعل ثورة الانسان” ضد الظلم بلا معنى. فعندما يمتص الاخرون جهده ويستحمرونه باسم التعويض الالهي او ضرورات المذهب والدين يجب عليه ان يصمت ويفوض امره الى الله
 
. تسللت هذه المفاهيم الى الطبيعة الاجتماعية لتتحول منظومات قيميه مقدسه تأطر الفعل الارادي ,مثلا” في العراق يقولون ( الايد الماتلاويها, بوسها ) او (حطها براس عالم واطلع منها سالم ), وهي نماذج تدعو ليتخلى الانسان عن دوره في صناعة الحياة والواقع, وتمهد للظالم ان يٌعصم من الحساب وتجد له من الأدعية والتسبيحات ما تكفي لمسح ذنوبه, ويضيع حقوق الفقراء والمظلومين بلا رثاء..
لقد نعم الله على الانسان بحواس وعقل يزن به الامور ولا حجة لاحد عندما يتم استحماره بارداته ,الله سبحانه يقول ((السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً” )) فالإنسان سيقف وحيدا” امام الله يوم الحساب لن ينفعه التوكل على الاخرين وتحميل جريرة الذنوب لرجل الدين او قيادي يقترف الجرائم باسم مذهبه او دينه. عندما سُئلَ على شريعتي ما هو علاج الاستحمار والنكوص الاستثنائي عن شريعة السماء ؟؟ فأجاب : انه الوعي… …