23 ديسمبر، 2024 4:44 ص

الاسباب الحقيقة الكامنة …وراء أحتمال سقوط الدولة ..

الاسباب الحقيقة الكامنة …وراء أحتمال سقوط الدولة ..

الدولة حضارة ..والحضارة علم ومعارف وخبرة وتجربة وحقوق، وكل هذه تزيد ملكات الانسان ارهافاً،وتفجر في كيان الحاكم والمواطن ينابيع جديدة من القوة …لكن هذا لا يعني ان الدولة تبنى على الدعة والاستسلام للمال والترف والتفرقة بين المواطنين الذي يُفسد مهامها فتضمحل…فأذا كانت السياسة هي فن حكم البشر..فلا شك ان الأنسان هو العنصر الجوهري في هذا الفن. ومن هنا يجب علينا ان نحدد بحيادية تامة لماذا سقطت دول وأستدامت أخرى..فاذا ساد الفساد وضعفت قبضة السلطان على السلطة وأمتد الى المواطن، يفلت زمام الامور من يده وهو لاهٍ في ذلك المتاع ، فتضمحل قواهُ ويتمهد الطريق لغيرهِ للتغلب عليه وانتزاع الملك والسيادة منه ومن أيدي..من يحكمون..هذا هو سر الانقلابات العسكرية والسياسية في دول العرب والعراقيين ..
من هنا نقول : ان أول اسباب سقوط تلك الدول ان قادتها منذ البداية لازمهم قصور في أدراك معنى التاريخ ومعنى العلم كله ، فراحوا يتصرفون فيها على هواهم دون تفكير بمستقبل الدولة وما تحتاج اليه من مستلزمات الاستمرار وبناء دولة المواطنين ،ناسين ان أخطر شيء يمر على القادة هو أنهم يعيشون بلا فكر ولا تفكير وهو أخطر ما يمر به الأنسان ..فخربوا ونهبوا وأحرقوا وتآمروا مع الأجنبي دون اعتبار لمفهوم ثوابت الوطن والمواطنين – هم خاطئون- ، ومضوا مخلفين من ورائهم الدمار..كما في هتلر وموسليني ..وحكامنا اليوم.
من هنا بدأت عصورهم ونشاطهم السياسي والحضاري بالتدهور والأنقراض، فركدت ريحهم، رغم ما خلفوه من مظاهر حضارية وتقدم نسبي،لكنهم نسوا الأنسان وحقوقه ، فضاعت اعمالهم دون ان يفكروا بالذي سيحدث لهم جراء هذا النقصان.. نسيان الحق والعدل والانسان الذي نادوا به قبل التغيير،حين أتجهوا نحو الحروب وأغتصاب حقوق الأخرين.. فقلت قدرة الدولة على القبض على مؤسساتها ،وبدون هذا القدرة لا يستطيع الحاكم الأفادة من أي أداة او ثمرة تقع بين يديه ..فحتى السلاح اذا لم تتم السيطرة عليه واستخدامه استخداما عقليا ومنطقيا ، ينعكس هذا الاستخدام على من يملكه ويؤدي به الى الخراب كما نراه اليوم في العراق…
ان ظاهرة سيطرة الادوات السلبية على الدولة تمثلت قديما بدولة عاد وثمود “جنة الجنوب العربي على ما ذكرها القرآن ” لكن عندما اخترقت اساسيات الحياة وحقوق الناس.. جاءتهم ريح عاتية جعلتهم فما أبقى كما يقول القرآن :” وانه اهلك عاداً الاولى وثموداً فما أبقى،النجم 50-51″.
نقول للحاكمين الجدد اليوم : ان الاستمتاع باطايب الحياة لهم دون الشعب بغير ضوابط قانونية يصبح ضررا على المستمتع به بعد ان يصبح دافعا لعجزه عن مقاومته..خاصة اذا احاط نفسه بحاشية فاسدة مغالبة لمطالب النفس ونزعاتها فتفلت منه زمام الامور فيسقط في حفرتها ..ولا من نصير..الاسكندر المقدوني مثالا..لهذا الخطأ التاريخي القديم ..وغالبية حكام الوطن العربي اليوم مثالاً.
صحيح ان الترف ليس مفسدة ..بل هو موقف من الحياة يتحول الى سلوك..كلمة قالها حيدر العبادي رئيس وزراء العراق السابق عندما سئل عن حالة من يحكمون اليوم في وطن العراقيين فقال :”انهم تعودوا على حالة الترف التي اصبحت من المستحيل التنازل عنها”..لكنه لم يقل ان الموقف كله يتمثل في كيفية استخدام ادوات الترف والاخلال بالقانون وأدوات صيانة الدولة..ما داموا هم يتمتعون بأعلى الامتيازات ..هنا تبرز الحكمة بحساب التصرف فأن ملكها الحاكم سيطر عليها..وان استخدمها بطيش وسوء تدبر سيطرت عليه فيكون مصيره الهلاك والتدمير كما في حكامنا اليوم..الذين خانوا ما كانوا يقولون يوم كنا نلتقي بهم ونقدمهم للناس على انهم من المخلصين…تباً لايام سوداء سميناهم فيها مخلصون..
يقول الفلاسفة وعلماء الاجتماع من أمثال فولتير وجان لوك في القرن الثامن عشر الميلادي :ان الموقف الصحيح والناجح في الدولة تحدده ثقافة وتجارب وذكاء الحاكم وقواه العقلية والمعنوية..وبالدرجة الاولى تربيته وما نشأ عليه من قواعد اخلاقية وسلوكية يصعب اختراقها..وهؤلاء هم اولاد بيوت النعمة والحسب التي يصعب عليهم ان تخترقهم الخيانة والعبث بامور الدولة والمجتمع..فالفعل دليل الأصل دوماً..اما الذين يهجم عليهم الغنى دفعة واحدة من مصادر الباطل يفقدون توازنهم ويسيطر عليهم المال فيحرقهم تيار الحضارة ويضيعهم والدولة معاً.
لذا لا بد من اهتمام الدولة بالجانب التعليمي والمعرفي والثقافي والصحي كنظرية شائعة بين المواطنين لتثقيفهم وتعليمهم ضرورة السيطرة على ادوات الحضارة لحفظ التوازن ..وعليهم ان ينتبهوا الى عدم استغلال مراكز الدولة المتقدمة لاولادهم الذين ستهاجمهم الدعة فيتردون في مهاوي التلف من حانات وملاهي مُسفة فينزلقوا أخلاقيا وتربوياً دون ان يروا ما فيها من مضار..وبذلك يصبح المال والجاه والمنصب مفسدة قبل ان يكون مغنما لهم..اولاد من يحكمون العراق اليوم مثالاً صارخا لما نقول..؟ هم يفسدونهم ويقتلون مستقبلهم بأيديهم وما يدركون..؟
من هنا حث العلماء والتربويين على ضرورة الانتباه لهذه المزالق وجعلها تسيطر عليهم..ليتعرفوا على اساليب السلوك ومستوى العلم والثقافة ليتحولوا سايكولوجيا الى مستويات الصحة والرفعة واتخاذ المواقف السليمة من التصرف داخل الدولة معتمدين على الأباء والرفعة ومن في السلطة لمساندتهم دون علم وتفكير.. والعكس هو الصحيح.
نعم واقولها بصراحة متناهية لقد أقترفت جنايات بشعة في حق الحق والقانون والامة في عراقنا اليوم من قبل المسئولين وأولادهم النزق ، يجب الأعتراف به..فالأعتراف بالخطأ ليس منقصة ..لمجرد حماية البيت الحاكم من خطر التهديد..وبذلك أهدرت حقوق الامة اهدارا ً تاماً..ما كان يجب ان يكون فالمال والمناصب زائلة ولم يبقَ منها الا الذكر الطيب للحاكمين ..فالامانة والسمعة الحسنة والمحافظة على الثوابت الوطنية ..افضل من الخيانة والتردي في مهاوي الردى..فالتاريخ سجل لحاضر الامة وماضيها ..ما من حق الحاكم ان يسيء اليه بالمطلق..فالدولة ملك الشعب وليست ملكا للحاكمين من أوغاد السلطة المرتشين والفاسدين..
هكذا هي الدول ذات الحكم الصحيح تحرص دوما على أستيفاء الجانب الشرعي من تكوينها..فالتشبث بالشرعية الدينية والسياسية عن طريق الانتخابات المزيفة والمرجعيات الدينية المتنهاونة في شرعية السلطة والوطن .. لن تزيدها الا نقمة من قبل المحكومين..فلا تاريخ ينفع ولا قدسية تشفع ،ولا قوة تصلح ،ولامال يبقى ويطول.. وخاصة اذا قامت الدولة على افراد لا مؤسسات تضع الرعاية لكل شيء من شئون الدولة والمحافظة عليه لهم دون الاخرين ..والا لماذا لا تطالب المرجعية بفتوى دينية لمعرفة مصير المعتقلين والمغيبين ..والمستولى على دورهم واملاكهم ولا زالوا يسكنون خيام الصحارى فيها ضائعون..وانما الحق والعدل والقانون هما اساس البقاء والاستمرار والتقدم..يقول القرآن الكريم :”أعدلوا ولو كان ذا قربى”.فأين الدستور والقانون ومجلس النواب المزيف ..ومجالس المحافظات الباطلة ،والمحكمة العليا صاحبة القانون..كلهم والشرعية الدينية والقانونية على طرفي نقيض في الاعتقاد وتطبيق القانون.. لا ما هكذا كان الهدف من التغيير..
هذه هي الحقيقة ..فالتاريخ في ظاهره لا يزيد عن الاخبار ..اما في باطنه فهو الأحداث..؟ ..فعليكم ان تحترموا شجاعة من يقول الحقيقة او حتى بعضها… ولا تجعلوا كل من يوجه اللوم لكم من الاعداء… قبل الندم..