الدبمقراطية حالة تولد من أعماق المجتمعات , ولا يمكن إستيرادها كمفاهيم وعقائد وتصورات وتحزبات وفئويات وغيرها من الكينونات والمآلات.
فهل ديمقراطيات بلاد العرب أوطاني بحاجة لإنقلابات؟!1
وهل أن الإنقلابات صيغة تفاعلية سياسية راسخة في الوعي الجمعي العربي؟!
فالتغيير في مفهومنا عبر أجيال وأجيال لا يتحقق إلا بإنقلابات دامية وتفاعلات حامية , يموت فيها الآلاف تلو الآلاف , كما هو الحال منذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين , الذي جاءنا بعصور الإنقلابات التي تسمي نفسها بالثورات.
وماذا أنجزت؟
وإلى أين أوصلتنا؟
الثورات تبني وتعمِّر , وتمنح أملا وثقة بمستقبل زاهر منير , كما فعلت الثورات في مجتمعات الدنيا , التي صنعتها الثورات الحقيقية على كافة المستويات.
أما عندنا فالإنقلابات قوة فاعلة فينا , ولن تشافينا منها الدعوات الديمقراطية , لأنها ستلتف حول نفسها وتعود إلى نقطة الصفر , فمجتمعاتنا لا يمكنها أن تحكم نفسها بنفسها , فلا تمتلك خبرة حكم عربية عربية , بل أنها وعبر مسيراتها الطويلة كانت تتحكم بها قوى خارجية , ما عدا فترة الدولة الأموية , التي كانت إلى حدٍ ما , عربية صرفة.
فالدولة العباسية كان الخليفة فيها رمزيا , والحاكمون المتنفذون أجانب , خصوصا من الفرس والأتراك , وغيرهم العديد من العناصر والأجناس البشرية , حتى إنتهت بالضربة القاضية على يد هولاكو.
وما نشهده اليوم في دولنا التي ثارت من أجل الديمقراطية , تعبير عن آلية النكوص والحنين إلى الأبوية والإنقيادية والعبودية , وعدم الرغبة في تحمل المسؤولية , ولا بد من القوة التي تهضم وتظلم , لكي تستعيد المجتمعات مهاراتها في التشكي والتظلم , وتعليق الأسباب على الكرسي المستبد في البلاد , وهي التي تريده والتي شاركت بصناعته وتعزيز وجوده فيه , بآليات ديمقراطية تمارسها وتفرز بموجبها الفاسدين والمستبدين والطغاة المقدسين.
فهل لنا أن نتعلم السلوك الديمقراطي الحقيقي لا الشكلي المستورد؟!!