18 ديسمبر، 2024 10:07 م

الإنفصال والإستقلال؟!!

الإنفصال والإستقلال؟!!

الفرق بين الإنفصال والإستقلال كالفرق بين الإنفصال والطلاق عند المتزوجين , فهم قد ينفصلون عن بعضهم لكنهم لايزالون متزوجين , أي لكل منهم حقه في الآخر وما يترتب عن ذلك من تداعيات وحقوق , فلو توفى أحد الزوجين في مرحلة الإنفصال فأن للحي منهما حقوقه في المتوفي.

وعندما تريد أية فئة أو مجموعة الإنفصال عن وطنها , فأنها في هذا السلوك تؤذيه لأنها لا تزال تتمتع بحقوقها فيه لكنها تنكره وتلغيه من وعيها وحساباتها , فهي مثل الإبن الذي يريد مغادرة بيت والديه لكنه يطلب منهم دفع الإيجار ومصاريف الخدمات وحتى الطعام , مما يشكل عبئا على العائلة لأنه لو بقي في البيت معها سيوفر مالا وأشياء أخرى , أي وجوده مع العائلة أسهل عليه وعليها , أما إذا أراد الإستقلال والإعتماد على نفسه فذلك شأن آخر يسعد الطرفين.

وما يجري في الواقع العراقي المُغيب أن هناك ثلاثة محافظات شكلت إقليما وتريد أن تغادره , لكن صيغة المغادرة غير واضحة ويشوبها الكثير من التشويش , بسبب ضعف وقلة معرفة الذين في الحكومة المركزية التي تتناهبها عدة أطراف.

فهل هو إنفصال أم إستقلال؟!

مسيرة عقدٍ ونصف أظهرت أن ساسة الإقليم أكثر خبرة وتمرسا وثقافة من الذين أوهموهم بأنهم ساسة وقادة , وما هم إلا أدوات أهواء ومصالح شخصية وأنانية بحتة لا تفهم شيئا بالسياسة , ولا تعرف معنى الوطن والوطنية والتفاعل العزيز الذي يحفظ هيبة الوطن ويعلي من قيمة المواطنين.

ووفقا لهذا فالإقليم ربما يريد إنفصالا , بمعنى أنا حر في كل شيئ وأعتمد على الوطن الأم في كل شيئ , وتبقى عندي جميع الحقوق والإمتيازات لكني لا علاقة لي بالمركز , وهذا يعني أن الذين في المركز سيعبرون بمواقفهم بأروع ما يكون عليه التعبير عن الغباء , وكما فعلوها منذ ألفين وثلاثة وحتى اليوم.

فما آلت إليه الأمور هو نتائج تفاعلات غبية متراكمة من قبل الذين حسبوا كرسي السلطة وسيلة للإستحواذ على أموال البلاد والعباد وتصميدها في البنوك الأجنبية , والتمتع بالثراء الفاحش على حساب المساكين المقهورين بالحاجات , والمحكومين بالحرمان من الكهرباء من أبناء الشعب الذي يمعنون بإذلاله ومحقه.

ومن المؤلم أن يتدحرج بلد كالعراق إلى هذا المصار المشين , ويتمكن من أمره مَن لا ناقة ولا جمل لهم بالحكم , فيتوهمون بأنهم يحكمون , وأنهم الأدرى والأقدر , وهناك من يسوغ لهم مآثمهم ويفتي لهم عن كل طريق أعوج يسلكونه , وكل منهم لديه وليّه الذي يتعبد في محراب نعمته.

وقد أسهم في ذلك وعاظ الكراسي الميامين الذين يكتبون ويفكرون بمداد جيوبهم.

وبما أن الصورة غير واضحة , والدراية غائبة , والبقلاء يتسيّدون , فأن الإنتظار سيكشف عن الجواب , وستعرفون أ بغلة تحتكم أم حمار!!

فهل هو إنفصال أم إستقلال , أو إنفصال بثياب إستقلال؟!!

ترى , أي الطرفين سيرسب في الإمتحان؟!!