18 ديسمبر، 2024 9:32 م

ظاهرة عجيبة تسري في مجتمعاتنا منذ أمد بعيد , وخلاصتها أن المشاعل المنيرة تأكل بعضها , فلا تتكاتف مع غيرها لزيادة مساحة النور , فكل مشعل يريد الهيمنة وإدّعاء التنوير لنفسه وحسب.
لا يوجد تفسير معقول لهذا السلوك العقيم , المشحون بالخسائر والإظلام.
فمن البديهي أن زيادة عدد المشاعل ستنير مساحة أكبر من حولها , أما أن نسعى لإطفاء أي مشعل , والتوهم بأن المشعل الفلاني هو الأقدر على الإضاءة , فعين الألس وجوهر الأفون.
فعلى هذا المسار تتحرك الأجيال , وكل يحمل سيفه البتار ليقطع به الأعناق المشرئبة , الطامحة لبناء كينونة ذات قدرات حضارية معاصرة , فأنا لوحدي ولا غيري.
وعندما نعاين مستويات التفاعل بأنواعها , نجدها تتحرك وفقا لتلك النمطية الخائبة , مما يعني أن المجتمع يفشل في صناعة الإنطلاقة اللازمة للقوة والعزة والكرامة والسيادة.
فإطفاء المشاعل المتنوعة يتسبب بخواء معرفي , وجدب إدراكي , وضعف في التصدي للتحديات , فالأمم القوية تسخّر قدراتها وتُفاعلها وتضمها لتكون حزمة قوية.
وفي تراثنا قال المهلب بن أبي صفرة لأولاده:
” تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا… وإذا افترقن تكسرت آحادا”
وهي نظرية سلوكية تتدحرج في تراثنا , وما تعلمنا التعبير عنها بأفعالنا , بل نتصرف ولسان حالنا يقول: “أكلتُ يوم أكل الثور الأبيض”!!
ترى لماذا نخمّد بعضنا؟!!
سؤال جوابه حيران!!