22 ديسمبر، 2024 7:24 م

الإنسانية والعالمية اللتان نريدهما

الإنسانية والعالمية اللتان نريدهما

ليس شرا أن يدعو المسلم أو حتى أي إنسان -لأننا في النهاية كلنا بشر وإخوة في الإنسانية – إلى (إنسانية أو عالمية ) بشرط أن لا تخل ولا تضر هذه الدعوة بثوابت الدين وثوابت الإنسانية – وهما شيء واحد أو ينبغي أن يكونا كذلك لولا الظلم والجهل السائدين في البشر- وكما أحاول بيانه وتبيينه جاهدا في هذه المحاولة وفي أكثر كتاباتي تقريبا ، لأن الهم دائما وأبدا واحد ، وهو طلب الحق والخير والجمال للذات والغير ، طبعا بتفاصيلها الصحيحة و الحكيمة حيث لا تكفي الصحة ، والشيطان يكمن في التفاصيل عموما… إن (الإنسانية والعالمية ) بمعانيها الصحيحة هي دعوة جميع الأنبياء والعقلاء من البشر في كل العصور ؛ ودعوة الإسلام هي دعوة (إنسانية عالمية) ، والإسلام هو دين (إنساني عالمي ) . والتوحيد دين جميع الأنبياء رغم اختلاف الشرائع . لكن هذه الحقيقة ظُـُلمت وضاعت وهذا المفهوم فقد معناه الحقيقي عندنا بسبب أعداء الإسلام وأصدقاء الإسلام كذلك : أعداء الإسلام الذين حرفوا وشوهوا عمدا المعنى الحقيقي الرباني (لإنسانية وعالمية) الإسلام – أي كما يريده الله وبالتالي كما تقتضيه الحكمة و يقتضيه العقل ، ليس العقل غير السليم طبعا الذي يحاول فرض نفسه بكل الوسائل الحمقاء الشريرة ؛ وضيع معناه كذلك بسبب أصدقاء الإسلام من (الدعاة والخطباء والمفكرين والعلماء وحتى الذين ظهروا في مظاهر المجتهدين والمحققين) الذين يريدون أن يكونوا (مرغوبين) من الله ومن الناس ومن العلمانية ومن الدنيوية – ومن آخرين أيضا في آن واحد ؛ الذين يشتهون أن يتكلموا ويكتبوا أكثر مما يفكرون ، ويشتهون أن يظهروا مجتهدين من غير أن يكونوا مجتهدين ، وإن كان الذين يرون أنفسهم حريصين على الثوابت والذين هم كذلك حقا سيسيؤون الظن بكل من يستخدم مفهوم (الإنسانية والعالمية ) بسبب ، لا أقول الظلال السيئة التي صنعها أولئك متعمدين أو غير متعمدين لهذا المفهوم . بل أقول متوخيا الدقة : المظاهر السيئة لهذا المفهوم . وذلك لأني رأيت وأرى أننا – نحن البشر – كثيرا ما ننخدع بالمظاهر بمظاهر الحقائق التي تتمثل في الألفاظ والعبارات والمظاهر الإجتماعية والنفسية ، وتتمثل حتى في المعاني التي نخلط بينها وبين الحقيقة . حيث كثيرا ما يخلط حتى أذكياؤنا بين الحقيقة والمعنى وهما ليسا بالضرورة شيئا واحدا كما نتوهم غالبا . إن الناس بسبب جهلهم بحقيقة الحقيقة و(بالمعاني الحقيقية) للحقيقة صرنا (لا نحسن السلوك) مع الحقيقة ومع الأشياء ، لأننا فقدنا أساس التفاهم معها وهو حسن فهم الحقيقة وحسن التعامل معها ومع الأشياء .
وسوف نظل كما نحن حتى نحسن فهم الحقيقة ونحسن التعامل معها . إننا – ملتزمين بالمنهج الصحيح الموافق للنص الصحيح والعقل الصحيح – نرفض دعوة الداعين (من سذج ومن محتالين ) إلى (إنسانية أو عالمية) فلسفية جوفاء يحشوها القوي الطاغي بالمعاني التي يهواها بأدواته من المثقفين المصطنعين ، لتتحول إلى (إنسانية وعالمية) سياسية براغماتية إنتهازية حقيرة وبالتالي إلى أنظمة حياتية هي أسوأ من كل فوضى ، وتتحول ، من ثم ، أغلالا لئيمة في أعناق الضعفاء المستضعفين ، ومطارق قاسية على رؤوسهم ، وقوانين هي ذئاب البسطاء ونعاج الأقوياء ، وضرائب وحشية على أقواتهم ، ورسميات قبيحة في تعاملاتهم !وغيرها من مظاهر هذا الفساد العام الشامل لكل تفاصيل الحياة ، والكون كذلك ..!