23 ديسمبر، 2024 7:01 ص

إنتقص: إستحطّ , عابَ , قلل من القيمة.
الإنتقاصية سلوك فاعل في أجيال الأمة منذ مطلع القرن العشرين , ولا يزال متفاقما ومؤثرا في مسيرتها , ويساهم أبناؤها في ديموته وترسيخه في الوعي الجمعي , بما يطلقونه من إبداعات تقلل من قيمة الأمة وتحط من دورها , وتنظر بعجب ودهشة إلى غيرها , وتستحضر المشاعر الدونية والتثبيطية للهمم والعزائم.
هذا السلوك يتسيّدنا ويتسبب بإنهيارات حضارية موجعة , توهم الأجيال بأنها غير قادرة على بناء حاضرها وصناعة مستقبلها , وكأنها معوقة وعالة على الآخرين , وفي هذا عدوان على جوهر الأمة وحقيقتها الحضارية وقدراتها الإبداعية الأصيلة في شتى المجالات.
فالأمة كغيرها من الأمم , وتتميز عنها بمسيرتها الحضارية الطويلة المشرقة الأصيلة , مما يعني أن فيها مؤهلات إبتكارية وإختراعية , وعليها أن تستنهضها وتفعلها لتبرز طاقاتها الكامنة , وما أنجزته أمم غيرها في القرن العشرين وما بعده لقادرة على إنجازه وبمواصفات متقدمة , وعليها التخلص من مشاعرها السلبية , وتدرك الهجمات الإنتقاصية الشديدة الشرسة الموجهة ضدها منذ عقود.
وهذا يستدعي يقظة نخب الأمة وإبتعادهم عن الكتابات السلبية والإبداعات البكائية الحزائنية , التي يجلدون بها وجود أمة ذات مقام منير, فالإبداع السائد سلبي ومشحون بالتوجعات والتظلمات والتشكي , وترسيخ الإنهيارات النفسية والفكرية , وتفريغ الإنسان من طاقات الحياة ومداد التفاعل مع المستقبل.
فتجد المطروح في الساحة الثقافية والمعرفية منطمس في الماضيات , ومنغمس بالطروحات المؤدينة التي حوّلت الدين إلى بكائيات ومسيرات حزائنية , تعزز المشاعر المناهضة لحب الحياة والتفاعل الإيجابي مع معطياتها.
إن وعي مؤثرات الإنتقاصية الخطيرة على الأمة , يضع على عاتق نخبها مسؤولية مصيرية , لمحاربتها وتخليص الأجيال من شرورها , فهي كالأرضة التي تنخر ذات الأمة وتمحق وجودها , وتتسبب بتفاعلات إنهيارية تدميرية في ربوعها , حتى فاضت دموعها ودماؤها وسئم التراب منها.
فعلينا بعزة الأمة وكبريائها وشد عزيمتها , وشحن قدراتها اللازمة للأخذ بها إلى مواطن التألق والبهاء الحضاري اللائق بها.
فالأمة بأبنائها , وبهم تكون , وأمنا ستكون , فهي أول مَن جسّد إرادة أكون!!