الزمن المعاصر هيمن عليه الإعلام بأنواع وسائله المرئية والمسموعة والمقروءة , وأصبح المصنّع الأول للإتجاهات , مما يعني أن البشر تحقق إستعباده بوسائل الإعلام.
وعند الحديث عن الإنتخابات , فالإعلام يكون الموجّه الفعال للآراء , ويقرر خيار الناخب الذي سيكون مسيّرا لا مخيرا , بسبب التوجيه الإعلامي المبرمج بعناية نفسية وسلوكية فائقة.
فمن وسائل الإعلام وآليات تسويقها للمرشح يمكن معرفة الفائز في الإنتخابات.
وقبل يوم الإنتخاب بأسابيع يبدو واضحا مَن هو الذي سيتولى المنصب ويكون رئيسا للبلاد.
وفي أعرق الدول الديمقراطية صار الإعلام قائدا ومقررا لمصير المرشح , والقدرة التسويقية والتضليلية تتناسب طرديا مع المال المدفوع لهذه المنصة أو تلك.
فالناخب سيكون مغشوشا ومنوّما , وفي حالة من الغثيان بفعل الضغط الذي يحاصره , ويقنعه بأن لا خيار لديه سوى أن ينتخب فلان دون فلان.
وبعد أن ينتهي اليوم الإنتخابي وتفرز الأصوات وتعلن النتائج , يستفيق الناخب من سكره , ويكتشف أنه ضحية للأضاليل التي إفترسته وشوهت بصيرته , وحكمت عليه بإختيار ما إختاره.
ففي واقع إنتخابي متأزم , تحوِّل وسائل الإعلام الخريف إلى ربيع , والمعاناة إلى نعيم , والتعاسة إلى سعادة , والحروب إلى ضرورات سلام ومحبة , وسفك دماء الأبرياء إلى أحداث عرضية يصعب تلافيها.
وبموجب ذلك تكون قناعات الناخب محقونة في رأسه ونفسه , ومؤثرة في وعيه , فيتدحرج كالكرة التي تركلها أقدام اللاعبين بمصيره والراسمين لحاضره ومستقبله.
ترى هل توجد إنتخابات حرة ونزيهة؟
وكيف لا يكون الناخب مسيّرا ومرهونا بإختيار ما تراه وسائل الإعلام ضروريا ومطلوبا؟
يبدو أن الإنتخابات بصناديقها وأساليبها الدعائية , ما عادت صالحة بعد الربع الأول من القرن الحادي والعشرين!!
فهل أوجد عصرنا ما يناسبه؟!!