18 ديسمبر، 2024 11:41 م

الإستقوائية من القوة والتقوي , ومن العبارات الشائعة عندما تجد أحدهم يتصرف بعنجهية وعنترية ولا يأبه للآخرين تواجهه بالقول ” بمن مستقوي” , أي من يقف وراء إدعائك بالقوة أو من يساند ما تقوم به من سلوكيات منفلتة.

والإستقوائية مصطلح فاعل في ميادين الصراعات الدولية ومؤثر في تفاعلات القوى الصغيرة والكبيرة , وعنصر مهم في معادلات التوازنات والنزاعات والحروب ما بين الشعوب والمجتمعات.

ومن علاماته الفارقة أنه نهج عدواني وتصطف حوله وخلفه وتسانده القوى ذات الأطماع والأهداف والغايات المرسومة والمطلوبة.

ومعظم الصراعات الحاصلة في المناطق التي يتكاثر فيها الضعفاء من ذوي الإرادات المسلوبة والشعوب المغلوبة , تتحقق وفقا لآليات الإستقواء بالِقوى الأخرى ذات المصالح الكبرى والطويلة الأمد.

وحالما تتحقق المصلحة ويُبلغ الهدف يتم سحب البساط من تحت أقدام المستقوين بالأقوياء , ورميهم في مهاوي الذل والخذلان , وقد تكرر المشهد مرارا , وما إتعظ المستقوون بغيرهم وإنما إزدادوا وقاحة وتأهبا للقفز إلى ميادين الإنتحار والخسران الكبير.

وما يجري اليوم في المنطقة العربية عبارة عن سلوكيات إستقوائية بقوى ذات مصالح وأجندات واضحة ومعلومة , ويتم تنفيذها من قبل المستقوين بهؤلاء وهؤلاء من ذوي الأهداف المرسومة والغايات الخفية والمعلومة.

ويبدو أن العديد من الدول في المنطقة صارت أسيرة السطوة الإستقوائية ولا يمكنها أن تتصرف بإرادة حرة , وقدرة وطنية سيادية ذات قيمة إيجابية ومنطلقات نافعة للبلاد والعباد , وتأتي الحروب على رأس السلوكيات المفروضة والواجبة التنفيذ , ولهذا نرى ثروات المنطقة تبدد بشراء الأسلحة المنتهية الصلاحيات , والتي يُراد التخلص منها ببيعها لدولٍ أوجدت أسواقا رائعة لتسويقها وإسعمالها للنيل من بعضها البعض , وفقا لآليات الإستقواء التي تحتم ديمومة الصراعات والحروب الشرسة.

والعلة ليست في الأقوياء وإنما بالمستقوين بهم , فمثلهم كمثل الغزال الذي يستقوي بأسد , أو كالدجاجة المستقوية بثعلب , ولهذا فأنهم بعد تأدية أدوارهم في مشاريع المصالح المرغوبة , يتحولون إلى فرائس على موائد المستقوين بهم.

فالذي لا يستقوي بذاته وموضوعه , يكون ذليلا مهانا وعبدا مطيعا لأسياده الذي توهم القوة بهم , فهل من قوة حقيقية بإرادة وطنية وشعبية جامعة؟!!