الهبة العراقية الوطنية المطالبة بالحقوق الإنسانية , والتشافي من الفساد , تم مواجهتها من قبل الدول الديمقراطية بصمت وتجاهل وإمعان بعدم الإكتراث , ولم نسمع سوى بعض التصريحات العابرة الخجولة , بعد أن تيقن لها بأن العدوان على التظاهرات السلمية قد بلغ ذروة التوحش والقسوة وإنعدام الضمير.
مما يؤكد أن مصالحها تتحقق بتأمين الحكومات الفاسدة وتعزيزها , وتجاهل سلوكياتها السافرة المعادية لحقوق الإنسان , مادامت تحقق المشاريع والمصالح المطلوبة.
فلا قيمة للشعب , ولا معنى للكلام عن الحقوق والحريات , والمصالح مؤمّنة والمشاريع تُنفذ بدقة , فحكومات الفساد تقوم بما تقوم به لأنها مسنودة من الدول التي توظفها لتحقيق الإمتهان السافر للبلدان المُستهدفة.
وهذا يفسر عدم إهتمام الحكومة بمعاناة المواطنين , وما يحصل من جرائم وقتل عشوائي للأبرياء , ومواجهة شرسة للناشطين والناشطات بأسلحة وغازات محرمة , والعالم الديمقراطي الحر الذي يراعي حقوق الإنسان يتفرج.
ولماذا يهتم بالموضوع والنفط مضمون , ونهب الثروات بلا رقيب , وأموال النفط تقبع في مصارفه , ويتحقق إستثمارها في مشاريع متنوعة على أراضيه , وليعيش الشعب بالحرمان والقهر فذلك هو الغاية والوسيلة اللازمة للإستحواذ الحضاري الإنساني الديمقراطي الأمين.
إن صمت الدول الديمقراطية وتجاهلها لما يحصل , برهان على أنها تساند الحكومات الفاسدة وتحارب الحكومات الوطنية.
ولهذا فيمكن القول بأن العراق بلد مُستعمَر بالفساد , بعد أن تأهل العديد من الذين ولدوا فيه ليكونوا أدواته ووسائله الأمينة لتحقيق مآربه الخفية والعلنية.
مما يعني أن الهبة العراقية شأنها شأن أي مواجهة ما بين إستعمار وشعب يريد الحرية والكرامة وحقوقه المشروعة , أي أن المواجهة ستترافق مع تضحيات كبيرة , ويمكن مقارنتها بالتضحيات التي قدمتها الشعوب في معاركها للتحرر من الإستعمار.
قد يستغرب البعض من هذا الإستنتاج , لكن الصمت الذي أظهرته الدول الديمقراطية أمام هذه الإرادة الصادقة المطالبة بحقوق أساسية وطبيعية , ليؤكد ويكشف قوانين اللعبة.
فليتواصل الشعب وتتعاظم قدرات تعبيره عن إرادته الوطنية الخالدة , ولسوف يندحر الفاسدون التابعون للآخرين.