إبداعنا المسطور بلغة الضاد , يميل للإنحراف أكثر من مئة وثمانين درجة , عن مسار الإنطلاق بتعجيل حضاري متسارع.
إبداعنا كلامي , والكلام فقد قيمته ودوره في حياتنا , وما عاد يعني شيئا , فالكل يتكلم ويكتب وينشر , وتساوت في ديارنا “الكرعة وأم الشعر”!!
وطاقاتنا المحبوسة المكبوسة ربما وجدت لها منافذ تسمى (إبداعية) , فانطلقت في مشوار العبث والإستهلاك الخسراني , بما عندها من الرؤى والتطلعات؟
فأبناء أمتنا كنوز غير مستثمرة , بل مبددة في مشاريع عبثية إلهائية إستنزافية , ذات تحاملية ونوازع تعويقية , لتدمير الإرادة , ومحق الذات , وإبادة الموضوع.
فما يسود الصحف والمواقع ووسائل الإعلام , متيبس متخشب متكرر , ومؤسِّن للسلبيات وطارد للإيجابيات , ويخيم عليه الحزن والإنكسار , ومشاعر التوحل في الطين , وعدم الخطو إلى الأمام.
والإنحراف يتمثل بالإتجاه نحو الكتابة التي تسمى (شعرية) , فالعديد أصبحوا شعراء في ليلة وضحاها , وإنحسر تفكيرهم بالذي يسمونه شعرا.
وكأن الأمة لا تمتلك آلاف الشعراء , الذين ما تركوا شاردة ولا واردة إلا وكتبوا عنها , خصوصا المشاعر الإنسانية , فقد فاقوا البشرية بتسطيرها , ويمكن تأليف ما لا يحصى من الكتب عن النفس والسلوك بشرح ما جاء في أشعار العرب.
فالشعر في الزمن المعاصر ما عاد إبداعا مهما , لأن دوره أصبح واهنا , وقيمة الكلام مفقودة , ولهذا فأنه مهما بلغ من القوة التعبيرية فلا يتجاوز كونه (مجرد كلام) , فالسطوة والسلطة والقوة الفاعلة في الميدان للإبداع العلمي , وما عداه دون الإبداع الحقيقي بدرجات!!
والمجتمعات الخاوية علميا , لا تنتج إبداعا أصيلا مهما حاولت!!
فهل سنؤمن بالإبداع العلمي فهو أبو الإبداعات وأمّها؟!!
د-صادق السامرائي