23 ديسمبر، 2024 3:48 ص

الأوطان وفقه الغنيمة!!

الأوطان وفقه الغنيمة!!

الغنيمة: ما يؤخذ من المحاربين قهرا , والجمع : غنائم , أو ما يؤخذ من الأعداء في الحرب.
وعندما تتوهم العمائم أن الأوطان غنيمة فأن المصائب تتواكب والأوضاع تتردى والفساد يتكالب , ذلك أنها ستلغي معنى الوطن وقيمته ومواصفاته , وتحسبه غنيمة حرب أو رزق من ربها الذي تراه كما تشتهي وتهوى , ولهذا يكون ما في الوطن مستباحا ومبررا شرعيا , ومادام غنيمة فأن الذين فازوا بها عليهم أن يتقاسموها , أو أن يتحاصصوا بها , أي لكل منهم حصته منها , ووفقا لهذا المفهوم تأكدت السياسة, وصارت البلاد بما فيها وعليها غنيمة الكراسي المكرسة لتحقيق مصالح الآخرين وحسب.
فالغنيمة كالفريسة تتناهبها الوحوش السابغة , والوطن فريسة تُنشب فيها أنياب ومخالب المتوحشين المتوهمين بأنهم فازوا وانتصروا فغنموا.
عندما يحضر مفهوم الغنيمة وما يترتب عليه من تسويغات وتشريعات وفتاوى , عندها يمكننا فهم ما يجري في البلاد وما يصيب العباد , لأنهم كالسبايا أو الأسرى الذين عليهم أن يُكبَّلوا بالحرمان من الحاجات , لكي يذعنوا ويطيعوا ويستسلموا ويفقدوا قدرات المطالبة بأبسط الحقوق الإنسانية المتعارف عليها.
وهذا يفسر التمادي في الحرمان من الكهرباء , والرعاية الصحية , والأمن والإستقرار , وفقدان القانون لقيمته وهيبته , وضياع الحياء وموت الضمائر , لأن كل ما غنموه من الله الذي يفصلونه على مقاسات أهوائهم.
عندما نستوعب مفهوم الغنيمة وفقهها الذي تتمنطق به العمائم المتاجرة بالدين , سيتضح أمامنا المشهد ونعرف حقيقة ما يحصل في البلاد.
فلا قيمة للبشر الأسير المرهون بفقه الغنيمة , فهو مُلك الغانمين الذين من حقهم إستعباده وإمتلاكه ومصادرة وجوده وما يتصل به.
والعجيب في الأمر أن اللعبة قد إنطلت على الناس لما يقرب من عقدين من الزمان في عصر التواصل المعلوماتي والوعي البشري العولمي الدفاق.
فلا تزال العمائم قابضة على أنفاس الناس ومصادرة لعقولهم وخياراتهم وعابثة بعواطفهم , ومُصنّعة لإنفعالاتهم وتأخذهم إلى حيث تريد وكأنهم نيام.
فهل من يقظة وتفنيد لفقه الغنيمة؟!!