مهما تكالبت الخطوب وإدلهمت النوائب والويلات على الأوطان , فأنها لن تستكين وتنتفض بإرادتها الكامنة , وتحقق جوهر ذاتها وتكون كما يجب أن تكون.
فالذين يتوهمون بأنهم يستأثرون بالأجيال يرتكبون خطيئة مروعة , ويندحرون في تصوراتهم الخارجة عن مكانها ومعطيات الزمان.
فلكل جيل تطلعاته ومنطلقاته وتوجهاته المتوافقة مع إيقاع الحياة في أرجاء المعمورة , التي تحولت إلى حالة واحدة , وكينونة متصاغرة مركزة في شاشة صغيرة بحجم كف اليد.
وما يجري في الواقع العراقي اليوم تعبير عن هذا التفاعل الواعد لأجيال صاعدة , متنورة بالمعارف والقدرات التواصلية التي أهلتها لتكون حالات مناهضة لما هو غابر ورميم , ومتفاعلة مع الصميم العالمي المتدفق الجريان في روافد الحياة الإبداعية المتنامية العطاءات والإبتكارات.
فما عادت خطب وهذيانات المتاجرين بالدين ذات منفعة وتأثير , لأنها أثبتت بالفعل المرير أنها أكاذيب وأضاليل لتحقيق نزوات ورغبات ذوي العاهات النفسية المتبرقعين بدين.
فالتظاهرات الشبابية الكاسحة التي تتدفق في شوارع البلاد وتطالب بالحياة الحرة العزيزة الكريمة , تشير إلى أن الوطن لن يقبل بمَن لا يؤمن بحقوق المواطنين الإنسانية المعاصرة , ولا يسمح لأحد أن يهين وجوده , ويكون تابعا للطامعين بالبلاد والعباد.
إن الوطن كائن حي , ويستصرخ ما فيه من الطاقات والقدرات , لكي يستعيد دوره الحضاري وقيمته العربية والإقليمية , فالشعب يريد أن يكون , وبإرادته حتما سيكون , وبوثبة الأجيال الصاعدة الواعدة سيحقق ما يبهجه ويرفع رأسه عاليا , ويملأ قلبه حبورا ويغمره بالسعادة والعطاء الإنساني الرحيم.
وإن العراق بأبنائه يثور , وبثورته الأصيلة سيبلغ الأهداف السامية وينجز الغايات العالية.
وإن العراق بشبابه المنصور!!
فهل أنها تظاهرات تغيير وتقرير مصير , أم أنها كسابقاتها ستنتهي إلى الجلوس على الحصير؟!!