العجيب بالأمة أن فيها أبناء ضحايا الهجمات النفسية الصاخبة , التي تسعى لقلع جذورها ومحق هويتها , وإيهام أجيالها بأنهاعاجزة عاقرة خامدة خانعة , عليها أن تتبع وتستكين وتستلطف الذل والهوان , وتستسلم للعدوان!!
وتجدهم يكتبون ويخطبون ويدعون , وكأنهم الصدى المدوي لأدوات الحرب النفسية الشعواء المتواصلة , والطرق المتعاظم على حديد وجودها , وفولاذ جوهرها , وصلادة صيرورتها , وصلابة مسيرتها , الواضحة الساطعة الجلية , التي لا تحتاج لدليل أو بيان أو برهان.
ومن هذه الأساليب التخنيعية التركيعية , تعميق الهوة بين حاضر الأمة وماضيها , وتقديم الماضي على أنه لا يحتوي غير سفك الدماء والخراب والدمار والإقتتال العنيف بين أبنائها.
كما يتم طمس وإغفال أعلام الأمة , وطمرهم في تراكمات سلبية غثيثة , تنفِّر الأجيال من القيام بدورهم في صناعة الحضارة الإنسانية.
وبسبب هذه التفاعلات القهرية والهجمات التدميرية , تجدنا أمام أجيال لا تعرف أصلها , وتنكر أمتها وهويتها , وتمضي متخبطة منبهرة بالآخرين الذين يشترون منها ويبيعون عليها , فمعظم الذين تنبهر بهم الأجيال من أمم الدنيا الأخرى , ربما من المعتاشين على تراث الأمة المعرفي الثري الفياض.
فما من فكرة تناولها الآخرون , إلا وسبقتهم الأمة في تناولها قبل قرون , وأكثرهم يأخذونها من مخطوطات الأمة وتراثها المعرفي المحجوب عن أجيالها , وينسبونها لأنفسهم!!
إبحثوا في أية نظرية ومنهج وتصور ودراسة , وستجدون لها جذور وإشارات عند العرب!!
قبلتم أم رفضتم , تلك حقيقة ما يجري في واقع الدنيا , وأبناء الأمةفي غفلة يعمهون , وبالأوهام المستوردة يتمتعون , وإن أمتهم منبع العلم وموطن العلماء , لكنهم بسبب أهوال الحرب النفسية القاسية , لما ليس فيهم يستسلمون!!
فهل لهم أن يستعيدوا دورهم , ويترجموا إرادتهم الحضارية , ويحققوا السطوع والنصوع؟!!