يتم تصوير ما تمر به البلاد وتعانيه العباد , وكأنه لم يحصل في الدنيا من قبل , وبأنه نهاية كل شيئ ولا يمكن الخروج منه والإنتصار عليه , فكل السبل مسدودة وعسيرة , وعلينا أن نذعن للمستحيل ونستسلم ونستكين.
بينما المدون في التأريخ من النواكب والمصائب والويلات يفوق ما تمر به البلاد وتعانيه العباد مئات المرات , وتحقق تجاوز تلك الصعاب الهائلات وبناء الحياة.
فالمجتمع يمر بمراحل عسيرة وفترات نكداء , ومظالم وقهر وفساد وإستهتار بالقيم والأخلاق , وتم إستخدام الدين فيها لشتى الأغراض والتطلعات االدنيئة , والنيل من المواطنين وإستعبادهم والمتاجرة بوجودهم.
البلاد والعباد مروا بأصعب مما هو قائم وانتصروا عليه , وحل اليسر بعد العسر الأليم والحكم السقيم.
وبغداد من مدن الدنيا التي تعرضت لأشرس الهجمات في التأريخ القديم والمعاصر , وتمكنت من الخروج من محنتها ومواصلة مسيرتها الحضارية , فمنذ هجوم التتار عليها سنة 656 هجرية , وما قبل ذلك وبعده , ومتواليات الهجمات لا تنقطع عنها , وهي الصابرة المحتسبة المؤمنة بقدرتها على تجاوز الملمات وردم مستنقعات التداعيات , وما حصل فيها منذ بداية القرن الحادي العشرين قد جربته وعانت منه على مر العصور.
إن الأقلام التي تكتب عن الواقع بيأس وقنوط لا تقترب من الحقيقة , وتتمادى في الوهم الداعي إلى السوداوية , والإحباطية والكمون في خنادق التعادي والبغضاء , والتستر في أقبية ظلماء تحجب النظر.
على الأقلام التي تكتب بمداد التحدي والإصرار على التقدم والرقاء , وتجاوز العقبات والإنتصار على كافة أنواع المحبطات , والسلوكيات المنحرفة الفاسدة الخرقاء , فلن يدوم إلا ما ينفع الناس , أما ما يشذ عن القيم والأخلاق والأعراف والتقاليد فذاهب إلى بئس المصير.
وإن الشمس ستشرق من جديد , والأجيال الواعدة لصاعدة ومنتصرة على كل جبار عتيد!!
د-صادق السامرائي
10\1\2022