من الظواهر التي لم تشد إنتباه الكثيرين , ولم يتحقق تحليلها بعمق , أن دولة لا علاقة لها بالإسلام , ويمكن القول أنها دولة لا دينية , رعت ونجحت في لم شمل دولتين مسلمتين.
دولتان الدين الواحد فرقهما واللادين جمعهما , فكيف يُفسَر هذا السلوك؟
أ ليس هو دليل على أن الأديان تفرّق؟
بل أن الدين الواحد يكون مصدرا للفرقة والتصارع الشديد!!
لو تأملنا مسيرة الإسلام لتبين أن أبناءه تقاتلوا بعنفوان وقسوة , وتفرقوا وأصبحوا ألف فرقة وفرقة , ومنذ إنطلاقته.
فالفرقة الدينية في الإسلام ليست جديدة , وسببها التأويلات والتفسيرات الداعية لتأليف سلطة فردية ذات أتباع خانعين , ينفذون أمر مَن سيَّدوه عليهم , وصاروا بضاعة تجارية في يديه.
آلاف الآلاف من المسلمين قتلوا بسبب هذا الرأي أو ذاك , ولا تزال نواعير الإتلاف الذاتي والموضوعي تدور بسرعة متزايدة , خصوصا بعد توفر أدوات القتل السريع بأنواعها.
فالسيف قتل مئات الآلاف من المسلمين بواسطة المسلمين , فكم ستقتل منهم أسلحتنا المعاصرة؟
أ ليس من الغريب أن لا تتمكن أي دولة مسلمة إصلاح العلاقة بين دولتين مسلمتين؟
ومن المخجل أن تأتي دولة لا ناقة لها ولا جمل بالإسلام , وتدعو دولتين مسلمتين للتعاون والتآحي!!
فلينظر المسلمون إلى أحوالهم , ولا يتذرّعوا بأسباب خارجة عن عاهاتهم السلوكية الفاعلة فيهم.
فالمسلم عدو المسلم وليس أخوه!!
المسلمون يتمترسون في رؤى وتصورات وإدّعاءات , وكلٌّ يحسب أنه يمثل الإسلام الصحيح , الذي يتممه بقتل المسلم الآخر الذي لا يرى مثلما يرى.
وبعض المسلمين لا تسمع في خطب رموزهم آية قرآنية , بل توجهات شخصانية , وتأليهات لرموز آدمية , حتى صار الفرع البعيد والقريب يتقدم على الأصل.
وتلك محنة الإسلام بالمسلمين , وعاهة التفاعل العدواني ما بين أهل الدين.
فأين الإسلام يا أمة وأرسلناك رحمة للعالمين؟!!