20 ديسمبر، 2024 7:40 ص

اشلون بصرك باليحصرك

اشلون بصرك باليحصرك

وتكملة هذا المثل: (لو …. لو يكسرك)، وهذا يضرب لأمرين أحلاهما مرُّ كما قال الشاعر أبو فراس الحمداني:

فقال أصيحابي الفرار أو الردى … فقلت هما أمران أحلاهما مرُّ

وهو يضرب لمن يقع في مكروهين لا نجاة له من أحدهما، وربما تكون حكاية الراعي الذي سرقه اللصوص مع أغنامه قريبة لهذا المفهوم، فقد كانت معهم امرأة ، فشدوا وثاق الراعي واركبوه مع المرأة على انه ابنها المريض، وكلما مروا بقرية وشاهدهم الناس، صرخ الراعي: ( حراميه)، فيسأل الناس : لماذا ينعتكم هذا الرجل باللصوص، فتقول المرأة : هذا ابني وهؤلاء إخوته، وهو قد أصيب بعقله، ويكرر الراعي : ( حراميه) فترد المرأة ضاحكة: ( ريتك اطويّب واحنه الحراميه)، فيقتنع الناس بما تقول، وهذا الراعي يشبه الى حد كبير الشعب العراقي، فهو بين أمرين أحلاهما مر، تهمة الجنون التي التصقت به، وأغنامه التي سرقها اللصوص، فالشعب العراقي المغلوب بالديمقراطية صدق في البداية إنها لعبة الأمم المتطورة، وبمرور الوقت مع تكرار الوجوه صارت الممارسة سمجة ولا خير فيها، خصوصاً بعد ان وضع هؤلاء الديمقراطيون لأنفسهم مرتبات فلكية وأفقروا الشعب وصادروا ثرواته، إنهم لصوص لبسوا أزياء الدين والعلمانية، لصوص عدوا على كتاب الله وأحاديث الرسول (ص) فحرفوها، سمعت مقطعاً لمحاضرة دينية يجيز فيها المعمم إعطاء الرشوة ويسميها أجرة، تعدوا جميع الحدود.

عندما كنا صغاراً ، كنا نجمع صور الممثلين والرياضيين ونتخذ منها لعبة فيها الرابح والخسران، وعندما تجتمع لدى احدنا صور متشابهة يحاول التخلص منها بسرعة بمبادلتها وفي بعض الأحيان يسرع في خسارتها، ما نفع أن تقتني الأشياء المتشابهة، حتى اللعبة تكون فيها مملة، ونحن قد سئمنا هذه الوجوه وصرنا نلعن الديمقراطية التي أتت بها، وصرنا نخشى ان هؤلاء سيكونون اشد وطأة على الشعب من الديكتاتوريات، والنتائج التي خرجنا بها تؤكد هذا الأمر، يدورون على الناس يشترون أصواتهم بدراهم معدودة من أموالهم ، وهم لا يعدون أن يكونوا بائعين للنفط فحسب، يبيعون النفط ويسرقون موارده، أوصياء غير أمينين، يحتمون بعمائم تنظر للماضي وغير عابئة للحاضر والمستقبل، كل ما يدور في ذهن هذه العمائم الموت وما بعده، أما الحياة فليسوا منها في شيء، هؤلاء يحمون أولئك والشعب المسكين يهرول خلف هؤلاء مرة ومرة خلف أولئك، والمناسبات الدينية كثيرة وهي فرصة لتجديد العهد للعمامة ومن ثم للسياسي اللص، وبين هؤلاء وأولئك ضاع الوطن، بين جشع هؤلاء وتخلف أولئك، حتى غدت أميركا تفتخر بتجربة العراق في أنها أعادت هذا البلد الى العصور الحجرية، فصار يأكل نفسه بدون توجيه، الأفكار المتطرفة والايديولوجيا الموجهة أصبحت تأكله كما السرطان، تنامت أعمال القتل والغش والفساد ولا ادري على ماذا يتنافس هؤلاء المرشحون، على حجم الدمار الذي خلفوه أم الموت والمقابر التي أضحت مدناً كبيرة، وهاهي اميركا تريد إسقاط سبعة بلدان أخرى في الشرق الأوسط لتحقق نبوءات كيسنجر للحرب العالمية الثالثة،وها هي تحاول مع سوريا، لتكرر تجربة العراق الدموية، و قد هيأت نظام محاصصة شبيه بنظام العراق لتطرحه مشروعاً ديمقراطيا في سوريا في المستقبل، اميركا والنواب العراقيون يتصرفون بذات الأسلوب وبحسب منطق: ( اشلون بصرك باليحصرك).

أحدث المقالات

أحدث المقالات