استقلال السلطات واحدة عن الاخرى، يعدّ من اهم المبادئ التي تحدّث عنها الدستور صراحةً في المادة 47 منه، برغم بعض الاستثناءات الواردة عليه في صلب الدستور ذاته.
وكما هو معروف في العراق توجد ثلاث سلطات وهي: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وأن الفصل بين الاعمال لا يعني الانعزال في ما بينها، بل يدخل في مفهوم أن تختص كل واحدة بمهامها، فالسلطة التنفيذية بشقيها سواء كانت رئاسة الجمهورية أو الحكومة تمارس واجباتها في ضوء ما ذكره الدستور، مع الاشارة إلى ضرورة التعاون والتكامل مع السلطة التشريعية ممثلة بمجلس النوّاب، ومجلس الاتحاد “والاخير لم يتم تشكيله حتى الان”.
في حين أن تكامل القضاء مع الحكومة يكون بتنفيذ الاخيرة ما يصدر عن المحاكم من قرارات، ومع السلطة التشريعية في أن القضاة يطبقون القوانين النافذة التي تقر داخل مجلس النواب.
أما عن استقلال القضاء، والذي عرفه العراق بعد العام 2003، فمازال مفهومه غامضاً لدى العديد من الاوساط، والغريب أن البعض لا يريد استيعابه، بل يعمل على محاربته بشتى الوسائل.
أرى أن القضاء حتى مع بلوغه مراحل متقدمه فأنه لن ينجو بأي حال من اتهامات نصف المجتمع، بوقوف طرفين أمامه، الاول خاسر يرى الحق معه والقاضي منحاز إلى الطرف الاخر بوصفه كسب الدعوى.
لا بد للرأي العام أن يعرف ما المقصود بمفهوم الاستقلال، والذي قسمه الدستور بالنسبة للملف القضائي على شقين.
الاول استقلال القضاء كونه سلطة منفردة اسوة بالسلطتين التنفيذية والتشريعية، والاخر استقلال القضاة في اتخاذ قراراتهم عن مراجعهم القضائية الا في حدود الطعون التي تقدم على الاحكام طبقاً لما نصت عليه القوانين لدى المحاكم الاعلى درجة.
هناك فرق بين ادارة الملف القضائي والمعني به مجلس القضاء الاعلى، والقرارات التي تصدر عن المحاكم والمسؤول عنها القاضي الذي ينظر الدعوى.
فمجلس القضاء الاعلى هو تشكيل لديه مهام ادارية عدة من بينها البحث في احتياجات المحاكم اللوجستية، كما أنه مسؤول عن توزيع القضاة وترفيعاتهم، ولا يصدر قرارات في صلب الدعاوى المعروضة أمام المحاكم.
القرارات التي تتخذ داخل هذا المجلس تكون بالاغلبية، ولا يوجد عضو مفضّل على اخر، ولرئيس المجلس صوت واحد كما هو حال باقي الاعضاء.
كما أن مجلس القضاء الاعلى ليس وحده من يشكّل السلطة القضائية الاتحادية، بل هو جناح لها إلى جانبه رئاسة جهاز الادعاء العام وهيئة الاشراف القضائي ومحكمة التمييز الاتحادية والمحكمة الاتحادية العليا.
برغم الازمات التي تمر بها البلاد، فأن السلطة القضائية الاتحادية وحداثة تشكيلها، لكّنها الوحيدة مكتملة الاجنحة ولا توجد فيها مناصب شاغرة، كما هو حال السلطتين التنفيذية والتشريعية وذلك يحسب للمتصدين للمؤسسة القضائية.