19 ديسمبر، 2024 3:33 ص

ِيؤكد لجوء حكومة المالكي، ونحن نتعمد التسمية فأكثر من ثلثي أعضاء هذه الحكومة قد غادروها، احتجاجا مراق على هذه الساسات الفوضوية، نقول ان اعتماد الخيار العسكري في الحويجة يمثل توجها قمعيا من الطراز الأول، وينذر بكوارث شعبية، بسبب توظيف كل الأوراق لاشعال فتيل حرب طائفية، على خلفية مزاجيات لا علاقة لها بتحمل المسؤولية!!
اذا كانت حكومة المالكي تريد ايصال رسالة بأنها متماسكة وقوية، و ستواصل توظيف القوة العسكرية لبسط نفوذها، أو اخافة باقي العرب والأكراد، فانها تضع نفسها على حافة هاوية ستصيبها دوار يفقدها التوازن، نقول في جميع الأحوال قد أخطأت الحكومة في مكان ظنت فيه غير ذلك، متناسية عن جهل بالمتغيرات النفسية ان الشعب كسر حاجز الخوف منذ أشهر، وأنهى اسطورة تكميم الأفواه على مدار نصف قرن.
واذا توقعت حكومة المالكي صمتا شعبيا على هذه المجزرة فانها عجلت في فتح أبواب جهنم عليها، لأن أهلنا في الفرات الأوسط والجنوب سيقولون كلمتهم، وسيلعنون هذه التخندقات المذهبية، أما المرجعيات الدينية فحتى لو أجتهدت فلن تخفف حدة اللوم عليها، بعد أن تأخرت في تشخيص نقاط الخلل الحقيقية في الأداء الحكومي، و سايرت بعض التخريجات السياسية  ليندحر مشروع المصالحة الحقيقية ، ويستمر عزف اسطوانة المظلومية والانتقام من شعب على مقصلة مماحكات حزبية تشم منها رائحة الأنتقام.
لقد خسر رئيس الوزراء المتبقي من عناصر ثقة أو حسن ظن عند شركاء في السياسة أو أصدقاء في مجالس المناسبات، فلن يغرد معه بعد اليوم أي طرف، لا الأكراد سيذهبون معه، ولا قوى في التحالف الوطني ستقبل بهذا النزوع صوب التسلط والديكتاتورية، ولن يجد عند متحالفين معه نفس المواقف ور دود الأفعال، فالمماحكات السياسية والتسقيط الشخصي شيْ و ذبح الأهل في الحويجة قضية أخرى، خاصة اذا ما استغلت لتوسيع دائرة الأنتقام بذريعة بسط سلطة الدولة، فيما يعيث الغريب في الأرض الفساد على خطوات من كرسي حكمهم الدوار!!
ان  استخدام القوة في الحويجة قراءة خاطئة في كل المقاييس، واذا لم يذهب بنا حسن الظن أكثر من المنطقي، فان جهات ورطت المالكي في هذه المحنة،  التي لن تكون مثلما يقولون ” مناسبة عابرة في ذاكرة عراقيين مثقوبة”، فالمراهنة على النسيان السريع مغامرة قاتلة، لأن الدم عندما يسيل لن يحسن المرء طرق أو وسائل رد الأعتبار!!أما اذا كان المالكي صاحب الفكرة والخيار فهناك حسابات بحاجة الى مراجعة سريعة واتخاذ قرار، فبدون ذلك ستتم شرعنة القتل واستخدام القوة بكل مناسبة لا توافق مزاج الحاكم، ومع ذلك يلعنون الأمس وكأنهم قد غادروه!!
ان  مجزرة الحويجة شاهد على ما تركته وراءها الولايات المتحدة الأمريكية، قيادات سياسية لا تعرف حجمها الحقيقي ، تتخندق طائفيا و محاولة تفصيل الوطن على رغبة الانتقام من تاريخ وطن و تجانس شعب، زعامات تتصرف بكل ظلامية الديكتاتورية وأكثر، انها جريمة عصر، توظف فيها الديمقراطية لذبح محتجين يرفضون سياسة الاقصاء والتهميش المذهبية، كارثة هي استخدام السلاح الأمريكي لقتل عراقيين بدم بارد لأنهم دعاة حق و أصحاب قضية، لا سيما وأن الصمت الأمريكي قد طال أكثر من اللازم وحسابات بيدرهم أفسدها حصاد المالكي في أكثر من مناسبة، ما يؤشر خللا أمريكيا خطيرا في العراق!!
نقول مبروك لكل مؤسسات الحكم الأمريكي المشاركة في سفك دماء العراقيين بخناجر شخصية و مذهبية، ومبروك لواشنطن أيضا اقحام جيش العراق في ذبح الشعب، في واحدة من أكثر الساعات ظلامية في تاريخ العلاقة بين الفريقين، وهل ستسمعنا مؤسسات ديمقراطيتهم ردود أفعال حقيقية، أم كعادتهم سيبعثون حبوب تخدير و استنكارات عبثية،من المعيب وصف المحتجين بما سمعناه من مفردات ارتجالية في غير محلها، لأن  العراقييين لم يعرفوا الارهاب ، بينما رضعه غيرهم مع حليب الطفولة!!
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات