النفس العربية تتعرض لهجمات متواصلة , ذات شراسة متوحشة , وأهداف إمحاقية مروعة , وقد سُخِرَت لإتلافها قدرات العصر الإعلامية والدعائية والتكنولوجية , وما يرتبط بآليات الفتك الخلاق , والتدمير الدفاق للوجود العربي في كل مكان.
فلا عربي معصوم من وابل الهجمات النفسية , ومعززاتها السلوكية , أينما حل أو رحل , فالطاقات الهجومية عالية , وقد إخترقت العمق الفكري والعقائدي والنفسي والإجتماعي والسلوكي , وأسندت المنطلقات الفتاكة بأعمال شنيعة بشعة , ذات صرخات وصيحات طائفية فئوية تفريقية وإجتثاثية صاعقة.
وتحوّلت الديمقراطية إلى وحش رهيب لإفتراس الذات والهوية , وتحت ألويتها وراياتها , صار كل سلوك فظيع مبرر ومعزز بما لا يخطر على بال من الأحداث والجرائم والخطايا والآثام.
ودخل المجتمع في أنفاق ومتاهات لا نهاية لها ولا مخرج منها , وتحول العرب إلى أرقام وموجودات يتم وصمها بالمسميات , التي تحلل وتجيز تدميرها وسحقها وتخريب مكانها وزمانها.
ولهذا صارت الأرض العربية سوح قتال , وميادين لإلقاء أعتى القنابل وتجريب أحدث المتفجرات والتقنيات التدميرية , التي أزالت البناء فآلَ العمران إلى حطام , كتعبير على أن الوجود العربي ما هو إلا ركام.
والنفس العربية قد تناثرت أوصالها , وتبعثرت مرتكزاتها , وإنعكس ذلك في سلوكها اليومي , ومسيرتها الجمعية المتخندقة في كينونات سلبية , مستسلمة لقوى إفتراسية حافة بها من كل الجهات.
ودخل المجتمع في متوالية هندسية تفتيتية تناحرية , ذات قدرات إنمائية إنشطارية متسارعة , تحقق إبادة أعظم وأسرع من أي سلاح فتاك عرفته البشرية , فآليات تقسيم الشرور ونشرها هي الوباء الطاعوني القادر على إبادة الآلاف في وقت قصير جدا.
فالواقع المتحقق اليوم , ما هو إلا ترجمة لهذه التفاعلات التبضيعية , التي تثرم البدن والذات , وتحولهما إلى كباب على موائد المتأهبين للتلذذ بهذا الصيد السمين , الذي صار كالأغنام المأسورة بقطعان من ذئاب تقوم بحراستها وتفتك بها أنى تشاء.
هذه الصيرورة الإنقراضية , ترافقت مع صيرورات نفسية متهالكة , فاقدة لمزايا التفاعلات الإيجابية اللازمة للمعاصرة والحياة الحرة الكريمة , مما جعلها تترنح خاوية مهزومة مرعوبة في أودية الخسران والإهلاك الجماعي الفظيع.
فهل من يقظة ونباهة وتفكّر وتعقل وبعض إدراك لمواليد الوعيد؟!!