18 ديسمبر، 2024 2:51 م

إعتذار لأيقونة الرافدين مظفر النواب

إعتذار لأيقونة الرافدين مظفر النواب

أقدم لك ياسيدي الراحل دون تردد ، اعتذاري لما أصابك وانت في ثراك من خدش لبهائك من جهلة مازالوا يعيشون ويعتاشون على ضمير عراقي من طرازك ولونك وعدالة كلماتك التي حلّقت في سماوات الوطن وانت المحاصر والمطارد والمطلوب على أرضه من انظمة العسف والاستبداد. 

أنت الذي قلت علناً ماكانت  الملايين من المسحوقين والفقراء تخشى ان تقوله سراً تحاشياً  لقمع الانظمة المستبدة وتجنباً لسجونها المنتشرة على طول البلاد وعرضها .

أعتذر من ضميرك الذي مانام يوماً ولاهدأ حتى اللحظة التي غادرت فيها الحياة بكل فخرك وسموّك ونصاعة تأريخك الحافل بالشجاعة  ، اعتذر منك ليس نيابة عن الاقلام الممسوخة الجاهلة ، بل عن كل الذي جازيناك به من عقوق وتناسيناك وانت تصارع الموت في بلاد الغربة وكأنك تستنخ السياب في رحيله بعيدا عن الوطن الذي احب حتى ظلامه! 

موقن انا انك بكل كبريائك وعلوّك وفخامة شأنك ستسامح  تلك الاقلام التي هي ليست اقلاما بل السناً تافهة ماكان لها ان تخرج من افواهها كل تلك السموم والاحقاد الا برحيلك الهادىء وانت على فراش الموت ترنو الى وطن احببته بكل عمقك وهو يدير لك ظهره ، كعادته ، وكما فعلها مع ايقونات العراق التي غادرت الحياة وهي تكتب آخر  كلماتها ” عراق ..آخ ياعراق”. 

لاتحزن ياصاحبي فإنا حملة تراثك وثوريتك وحبك للعراق والعراقيين ، إن كنّا أهلاً لهذا الحمل الثقيل ، معك سنبقى ننشد كل جماليتاك بـ ” مرينه بيكم حمد ” وبكل ثوريتك بـ ” القدس عروس عروبتك ..اولاد …” وبكل شجاعتك بـ ” مؤتمر الدجاج  لقمة عربية كنت في بلاد رئيس من  الرؤساء الذين اطلقت على مؤتمرهم ” مؤتمر الدجاج ”  بلا خوف من العسس ولا قضبان السجون والمعتقلات السرّية! “

أعرف حزنك على الرحيل ، ليس من الحياة فقد زهدت بها ، بل من وطن جافاك بكل ما استطاع من لؤم  وخبث. 

اعرف حزنك على من خدش لوحتك البيضاء ، شفقة عليهم ، وانت الذي رفعت بشعرك ومواقفك وحياتك السياسية ، كاهل الدفاع عنهم كي يعيشوا حياة كريمة ، فجازوك بجهلهم وضمائرهم التي لم تصحو بعد ببذيء الكلام والفهم المشوش حتى لاستحضارك التأريخ بعوراته وبياضاته! 

كل ما استطيع ان افعله هو ان اقدم لك اعتذاراً عن كل مافعلناه بك ، الى الحد المقرف ودلالاة العار الابدي حين سمحنا لانفسنا ان تعالجك دولة اخرى على حسابها ونحن الاغنى والاجدر والافرض ، دولة اشبعت قادتها ومن شابهها سباً وشتيمة ، فجازوك باحسن مايكون.. 

وكيف لاتموت حزيناً ايها الفارس  المطعون ؟!

وكيف لانعتذر منك ؟

وكيف ستسامحنا ؟