23 ديسمبر، 2024 1:00 ص

إعادة الثقة.أرقام وإنسان!!

إعادة الثقة.أرقام وإنسان!!

إنتشرت تساؤولات في الأوساط العربية بأنواعها , خلاصتها لماذا هذه الضجة بسبب مقتل شخص واحد , ولا أحد يأبه لمقتل الآلاف يوميا في بلاد العُرب أوطاني؟!!
والجواب واضح وبسيط وجوهره “قيمة الإنسان”!!
فلا قيمة للإنسان في بلاد العرب والمسلمين , ولا معنى للحياة , والتثقيف السائد مبني على الإستخفاف بالحياة وتفريغ البشر من قيمته الإنسانية وتحويله إلى رقم.
والمتاجرون بالدين هم الذين يسوّغون مناهج تجريد الناس من كونهم ينتمون إلى بني الإنسان , ويريدونهم أرقاما لكي تربح تجارتهم وتتعزز مكانتهم وتمتليئ جيوبهم بالسحت الحرام.
نعم البشر بلا قيمة ولا يمكنه أن يتحرر من كونه رقم على يسار عمامة أو لحية أو كرسي , والمشكلة التي حصلت بخصوص الصحفي السعودي أنه إنسان وفقا للمعايير المعمول بها في الدولة التي يقيم فيها , وأن الإعتداء عليه كإنسان حصل في المكان الخطأ والدولة الحطأ.
ولو أنه حصل في المكان الخطأ وفي دولة عربية لما إصطخبت وسائل الإعلام , ولتم التعتيم والقول بأنه مات بنوبة قلبية مفاجئة أثناء مراجعته للقنصلية , أو لقيل أنه خرج ووجدت جثته في مكان ما وتسجل الجريمة ضد مجهول وينتهي الأمر.
لكنها وقعت في دولة تحترم الإنسان وتؤمن بالقانون والدستور , ولهذا تحقق الإنفجار المدوي والضجيج المزلزل , ولأن الأمر يتعلق بالإنسان كقيمة وبالحياة كحق , وبالقانون كسلطة وقوة عليها أن تترسخ وتتفاعل في المجتمع.
وهذا الفرق الكبير ما بين العرب وباقي البلدان من حولهم , فالعرب لا يعيرون لقيمة الإنسان وزنا , ولا لحياته ثمنا , ويحسبون البشر كالحشر يمكنهم القضاء عليه بالمبيدات الحشرية المتنوعة , والتي يجتهد بإبتكارها المضللون والمعممون وذوي العاهات السلوكية المروعة.
المئات من العرب يُقتلون , ويُخطفون ويُغيّبون ويُمتهنون كل يوم , ولا تجد عند العرب أي إحساس بأن هؤلاء من بني الإنسان وقد فقدوا حياتهم وضاع مصيرهم , وإنما الأسماع تعودت على هذه الأخبار , وكأنها لا تعنيهم ولا علاقة لها بهم.
فإذا العربي لا يقيم وزنا للعربي , فلماذا يُطالب الآخرين بغير ذلك , وإذا المسلم يقتل المسلم , فلماذا يعاتب الآخرين عندما يغتدون عليه؟
ولماذا يستهجن العرب الضجة الإعلامية بسبب مقتل الصحفي السعودي في قنصلية بلاده في إسطنبول؟!
والجواب لأنهم يستغربون ويتعجبون أن بشرهم إنسان!!
هذا هو السبب الفاعل في لا وعي السلوك العربي الذي يمضي على سكة الأرقام!!
فهل سيدرك العربي أنه إنسان؟!!
وما معنى أن يكون البشر إنسانا؟!!
هذه قيم متعارف عليها في الدنيا ولا يعرفها العربي ولا المسلم , وهي التي تفسر ما يجري في بلاد العرب والمسلمين.
فأعيدوا للإنسان كرامته , وأدركوا إن ربكم قد خلقه بأحسن تقويم , وكرّمه على خَلقه أحمعين , فلماذا تهينون وتحتقرون مَن كرّمه رب العالمين؟!!