الإنشغال بالماضي سياسة عدوانية إفتراسية تهدف لمصادرة الحاضر والمستقبل , والإستحواذ على ثروات البلاد والعباد , ودفع الأجيال إلى حظائر القطيع , لكي يتحقق جزرهم وفقا لمقتضيات المصالح والمشاريع اللازمة للقبض على مصير الأمة وتدمير الأجيال ببعضها.
وتلعب الطائفية المعبأة عاطفيا دورها الأعمى في التدمير الذاتي والموضوعي لوجود الأمة.
ووفقا لهذا المنهج العدواني يسود الحديث عمّا مضى وما إنقضى في وسائل الإعلام , وعلى لسان الكراسي المسخرة لتنفيذ الأجندات المرسومة.
وعندما نقرأ ما يُنشر ويُذاع ويصرّح به , تجدنا معتقلين في أقبية ماضوية , ونتوطن في حفر الأجداث ونتكلم بلسان الأموات.
فالميت صار حيا والحي ميتا في واقعنا المثقل بالآهات والأوجاع والتداعيات المروعة.
هذه الهجمة الماضوية المؤججة للعواطف والإنفعالات , تلغي قدرات التفكير السليم وتعتقل العقل وتشله , وتستعبده وتسخره لتبرير ما تسعى إليه من إجراءات مأساوية.
ولا يوجد شعب مطمور بماضيه وموؤد فيه مثل بعض شعوبنا , التي حولت الدين إلى مصدر لسفك الدماء والهيمنة على حقوق الآخرين.
وأصبحت في بعض المجتمعات تجارة الفتاوى رابحة وتدر أموالا على أصحابها المدّعين بالدين , وما هم إلا ألد أعداء الدين , فالإناء ينضح بما فيه , والدين العمل , وأعمالهم تفضح أقوالهم , وهمهم الغنائم والإثراء بإسم الدين.
فهم الأثرياء ويعظون الفقراء , وهم المستحوذون على الحقوق والحرمات , وينصحون المساكين بالعفة والقيم والخلق الحسن.
وما قدموا قدوة حسنة , بل معظمهم قدوات سيئة وأدعياء رذيلة , وإن توشحوا برداء الفضيلة!!