أمم الأرض القوية تتسابق نحو الإستثمار المتنوع على سطح القمر , والأمم الضعيفة المنكوبة برؤاها وتصوراتها , تستحضر أسباب الخطر إلى مواطنها , ولا تعرف الإستثمار في ثرواتها ومواردها البشرية , وتتخبط بما لديها من قدرات وطاقات , وتسخرها لإنهاك وجودها وإضعاف دورها في الحياة.
والأمم حطت على سطح المريح وتروم التخاطب مع حضارات كونية أخرى إن إستطاعات , فهي تبث رسائلها في فضاءات الأكوان السحيقة على أمل التواصل مع المخلوقات الكونية , التي ربما تكون أكثر منا تحضرا وتقدما وعلما.
الأمم تتفكر في خلق السماوات والأرض , وتحاول أن تمرق في دنيا الوجود المطلق البعيد , ونحن أمة يحثها دينها على التفكر والتعقل والتأمل والتدبر , وما عرفنا النظر إلى السماء , وعلمنا الأجيال أن تنظر نحو أقدامها , وتنغرس في التراب.
هذا التراب الذي أطعمنا وعطلنا وخدعنا وسفك دماءنا , وكأن ما نسرقه منه يتحول إلى أدوات إنتقام من وجودنا , فترانا في تداعيات إنتقامية متوارثة , وسفك دماء متواصل.
إن النظر إلى السماء نظرية سلوكية ذات قيمة حضارية , تحرر الإنسان من جذب الأرض , وتعتقه من إرادة التراب , وتمنحه طاقة إرتقاء ونماء متسابقة مع أقكاره وتطلعاته الكبرى.
فهل قرأنا ابجديات السماء؟
وهل فعّلنا العقول؟
إن مشكلتنا المعاصرة تتلخص بإنعدام مهارات القراءة الحضارية , التي تمنح وجودنا إشراقا وجضورا أصيلا.
فالقراءة لا تعني النظر إلى المكتوب بأبجديات لغة ما , وإنما أن نبصر ما حولنا ونتمعن في آيات الخلق العظيم , ونتوصل إلى بوصلة مسيرنا الأمين.
فيتوجب علينا العودة إلى جوهرنا , وروح رسالتنا , وفحوى وجودنا , لنتواصل مع معاني ما فينا من البراعم الحضارية الواعدة , التائقة للتفتح الخلاق البديع.
فهل من قدرة على كينونة فضائية مطلقة؟!!