23 ديسمبر، 2024 2:19 م

لا أقصد إبهام اليد , فهو الذي تفقد الأصابع قيمتها بدونه , وإنما الإبهام : كلام غامض لا يُدرَك ومُلتبس , وبَهِمَ الأمر أيْ خفيَوإستشكل.

فالكتابة بأنواعها ليست أن نغطس بالغموض ونمعن بالإدغام والإختفاء وراء الكلمات.

الكتابة فن الوضوح , والبساطة والتكثيف , وإيصال الفكرة بأقل عدد من الكلمات.

الكتابة خطاب مفهوم وليست كلاما مدغوما , وما يحصل في واقعنا الثقافي , أن المكتوب غير معلوم  مما يتسبب بالنفور والحجوم , أي أن المكتوب لا يُقرأ

والمشكلة أن النفد المنصف الصريح ممنوع , لأنه يستثير الإنفعالات السلبية , لأن الكاتب مصاب بوهم أن ما كتبه نادر وعظيم , ويستحق المدح والثناء والتقييم.

ومن أهم أسباب توجّع الإبداع وإصابته بأمراض وعلل وخيمة هذا التفاعل  الكاذب  ما بين الكتّاب أنفسهم.

فالسائد تبادل المديح والمجاملات , وتحولت العديد من المواقع إلى محطات للتواصل الإجتماعي وحسب.

أما كونها منارات ثقافية وذات إرادة معرفية وقدرة على صناعة التيار المتنور الفاعل في الحياة , فهذا أمر بعيد المنال.

ويلعب الفهم الأعوج للديمقراطية دوره الخطير في هذه المرحلة الخالية من المسارات الواضحة , والقدوات الصالحة.

فتجدنا أمام ما يُسمى بالنخب , وهي حالات تتراقص على الهامش ومنقطعة عن نهر الحياة , وما يعانيه المواطن في العديد من البلدان , وأصيبت بوباء الحداثة وما بعدها , وراحت ترتل آيات التحليق بعيدا في صوامع الإكتنان.

فلماذا الخوف قائد  , والجرأة عدوان , والإبداع مجرد من الألوان؟

ولماذا اليراع يكتب بمداد البهتان؟

إيها المبدعون , الأمم لا تتحقق إذا ضاعت قيمة الإنسان , وصار ذوو الأقلام يكتبون لأنفسهم , ويهربون من واقع عليهم أن يعملوابإجتهاد وصبر ومثابرة وجرأة , لتغييره وتنوير الإنسان فيه , وتثويره لتنطلق إرادته وتصنع ما يريد , فالحق واضح وعنيد!!