ما تجود به الأقلام عبارة عن توجعات مكرورة , وصوت متّئِس , وكأن الأمة مرهونة بالوجيع , ولا يمكنها التحرر من أسره ومعطياته القهرية السلبية المتوالدة.
إن ما فينا يتحقق حولنا , وإذا كان الوجيع مهيمن على وعينا فأن الواقع سيكون موجعا , لتأكيد ما يتوطننا من الرؤى والأفكار والتصورات الوجائعية.
فمن الصعب أن تجد مقالة أو شعرا أو غيره خاليا من الوجيع والتوجع , والتخبط في مستنقعات الآهات والويلات والتداعيات , حتى لتكاد الذات تختنق والروح تتمزق والفكر ينسحق , والنفس تنبثق بما يأمرها بسوء ينطبق.
وعندما تتساءل لماذا الدوران المفرغ في دوائر التوجعات , وعدم القدرة على الإنتصار على المعوقات , تبدو الأجوبة ذات شجون والرؤى لا تتجاوز العيون , ويتغلب ما بدى على ما هو مكنون.
وتمضي الأمة على حالها ولا تريد أن تضع خطواتها على خط مستقيم , ولا ترغب بدرب يوصل إلى موانئ أكون.
وجوهر العلة أن الجوهر صار أفيونا , والغلبة للأقوى وكل ذي لب وعقل فاعل زنديق ومجنون , فتتكالب عليه الضلالات ويُرمى في غياهب السجون.
فالأمة من حاضرها غابت , وبالغابرات ناءت , ولسان حالها يقول إن للأيام ما شاءت , فلا إرادة أرادت ولا فكرة أجادت.
فالدنيا خراب , ودار غياب , فلا قيمة لها ولا معنى بها!!
فكل مَن عليها فان , فلماذا هذا الإفتنان بالدنيا , والموت لا فتة وعنوان؟!
هكذا تظهر الحال وتفرض نفسها الأحوال , ولا يمكن للأمة أن تتحقق إرادتها ويتألق مشوارها , إن لم تغادر خنادق الوجيع وتتسلق سفوح البديع , وتؤمن بأن الوجود فصول وأن هناك ربيع.
وأن الحياة جد وإجتهاد , وعمل وعطاء وتفاعل ونماء.
فلكل أمة كبوة , ولكل أمة صحوة , ولكل أمة قدوة , والأمة المؤمنة بذاتها تتجسد إرادتها وتتألق غايتها وتسمو لعليائها.
فهل لنا أن نكون!!