السؤال يبدو غريبا ومشاكسا , لكنه يطرح نفسه بعد أن تحولت المستشفيات في بعض المجتمعات إلى أقبية موت وعذاب للمريض , الذي عليه أن يتلقى العناية والرعاية العلاجية المعاصرة.
لماذا هذا السؤال العجيب؟
مستشفيات تحترق وغيرها تتدنى فيها الخدمات , في زمن تتطور فيه المستشفيات إلى منتجعات ذات عمارة راقية.
في معركة الخندق , حوّل النبي الكريم المسجد النبوي إلى مستشفى , وكانت تديرها (رفيدة الأسلمية) لمداواة الجرحى والمرضى , مما يدل على أن الأولوية للرعاية الإنسانية والصحية , فكان المسجد النبوي في المدينة أول مستشفى في الإسلام.
ودولة صغيرة تبني مستشفى بسعة 1200 سرير , وبكامل المرافق والمهابط المعاصرة , لتضاهي أضخم مستشفيات الدنيا , وكلفتها مليار دولار فقط , وفي بلادٍ ثرية تُسرق المليارات وتودع في البنوك الأجنبية , ويُشترى بها العمارات وغيرها في الخارج , والشعب يتضور ويفتقر لأبسط الخدمات , والدين يحكم والعمامة قائدة.
في مدينة من تلك البلاد هناك مستشفى يؤمّل إتمامها , ولا تزال دون إعمار منذ أكثر من عقد ونصف , وفي الصين يشيدون أكبر المستشفيات في غضون أسابيع قليلة.
إنها قيمة الإنسان بوضلة الحياة وبناء الأوطان , فعندما يفقد الإنسان قيمته يكون الكلام عن الرعاية الصحية والمستشفيات محض هراء.
فالعلاقة ما بين تقدم الخدمات الصحية في أي بلد وقيمة الإنسان علاقة طردية , أي كلما زادت قيمة الإنسان تقدمت الخدمات الصحية والعكس صحيح.
والمستشفى المعاصر المجهز بما يرعى الإنسان ويديم عافيته أوجب من الجامع البديع العمران , لأنها تضخ الجامع بالإنسان المعافى العزيز الكريم , الذي يشعر بقيمته وبتوفر الرعاية الصحية المتطورة له , فيزداد إيمانا وقوة على التعبير عن دينه.
وذلك يشير بوضوح ومأساة إلى فقدان الإنسان لقيمته , وضياع وجوده , وتمكن أعوان الشيطان منه , وإستلابه ومصادرة حقوقه الأساسية في الحياة.
فأين أدعياء حقوق الإنسان مما يحصل في بعض البلدان؟!!