“العيب فيكم وابحبايبكم”
لا يا سيدتي “العيب فينا وابحبايبنا” , فما تعلمنا كيف نداوي جروحنا ونرقّع عيوبنا , بل مضينا على سفوح الإنهزام والإنكسار , وما حسبنا التحدي والإصرار والتواصل من عناصر البقاء والرخاء.
نعم نحن كذلك وهذا ما يميزنا عن الشعوب الأخرى.
وارسو محقت في الحرب العالمية الثانية , وأعادوها كما كانت وأجمل , وطوكيو فنيت فأعيدت أقوى وأحدث , وبرلين تحولت إلى أنقاض وتحقق إعمارها في بضعة سنوات.
تذكرت هذه الحالات , وفتاة أوكرانية تتساءل أمام الكاميرات “كيف سنعيد بناء ما تدمر؟”, وبكلماتها أفصحت عن التحدي والإصرار على صناعة الحياة.
فهي تتساءل “كيف” وما قالت ” لماذا الدمار؟” , وهي ثقافات وآليات تفكير الشعوب المعاصرة الحية.
أما في مجتمعاتنا فأننا مأهلون للطم والندب والرثاء , والغرق في مستنقعات “لماذا” , والعمل الجاد على زيادة الخراب أي “نزيد الطين بله” , وكأن آليتا الخراب والدمار تقدحان في دنيانا , وتدفعان بنا إلى دوامة تفعيل إرادتهما النكراء.
فلا يوجد في وعينا الجمعي ما يُعرف بثقافة الإدامة , ولهذا آثارنا شاخصة في إسبانيا لأنها مُدامة , وفي ديارنا أطلال بائسة , لأن معاول الخراب فعلت بها ما فعلت.
فالدمار ديدننا , والخراب سلوكنا , ولا نلومن أحدا سوانا , فنحن الذين نأتي بالفاسدين والتابعين والخانعين والخائنين ونمجدهم ونسير على خطاهم , وعندما تحين ساعة إهلاكهم , نكون عليهم , بعد أن غنمنا من ورائهم ما يرضي رغبات أمّارة السوء التي فينا!!
صديق يرسل أشعارا ترثي بغداد , وغيره يطالب بنشر بكائيات وندب , وذرف دموع على الأطلال , وتلك إيقاعات تفاعلاتنا , وكأننا ننتظر الفواجع لنغوص في بديع الوجيع الأسود!!
وبموجب ذلك من الصعب أن نكون!