23 ديسمبر، 2024 12:09 ص

أظن الكثير منكم قد قرأ أو سمع عن رواية نجيب محفوظ ” أولاد حارتنا” , وما سببته من ضجة وأثارته من نقاشات وإتهامات على أثرها حاول أحدهم إغتياله بموجب فتوى , ويُقال أنه نال جائزة نوبل في الآداب بسببها.
ويبدو لو أنه لا يزال حيا بيننا , لغير عنوانها إلى ” أولاد جارتنا” , أو ربما لكتب رواية أخرى بهذا العنوان.
فأولاد جارتنا هم الذين يتبعون لجيران بلدهم ويقومون بتنفيذ الأجندات المطلوبة , ولا يعنيهم مصالح الوطن وإنما مصالح الجار الذي يحتمون به , ويمدهم بما يحتاجونه من المال والسلاح والضلال والبهتان وفتاوى العدوان والإمتهان , فتجدهم يتسابقون نحو التدمير والتخريب والقتل والتهجير والفتك بوجود الإنسان.
أولاد جارتنا يعيثون فسادا في وطنهم , ويدينون بقلبهم وروحهم وعقلهم للجارة العزيزة المعبودة السامية , التي يتقربون بمنطلقاتها إلى ربهم الذي لا يعرفون , ويحسبونه صاحب عمامة مقدسة وإرادة مؤلهة , وما هم إلا عبيد لخدمة ما ينطق به من التخريف , والإيهام بأنهم على صراط لا مستقيم سواه.
أولاد جارتنا المغرر بهم , المغفّلون الجاهلون المتوحشون المجرَّدون من روح الإنسانية , المخلوعون من آدميتهم , المحشوون بالتوحشية والإزدرائية والإنتقامية والعدوانية الشرسة على الخلق أجمعين , والجارة المجندة لهم منهمكة في غسل أدمغتهم وتضليل وعيهم , وتحويلهم إلى دمى وآلات لتحقيق مشاريعها وأهدافها , بل وتستعملهم لمواجهة أعدائها الذين لا تريدهم أن يحاربونها على الحدود أو في أراضيها , ولهذا إرتأت أن تربي أولادا لها في الدول المجاورة ليحاربوا بالنيابة عنها , وفقا لمبدأ ” سعيد مًن إكتفى بغيره” , ولا يوجد أفضل من أولاد جارتنا العابثون بمصير بلدانهم ومصيرهم وهم في غفلتهم يعمهون.
وبرغم أن أولاد جارتنا قد أستُخدِموا مرارا وتكرارا وتم رميهم في سلال المهملات بعد الإستعمال , لكنهم لا يزالون يعيدون ذات الأدوار وكأنهم قد قبض عليهم , وما بقي عندهم خيار إلا الإيمان بما تمليه جارتنا الحكيمة العليمة المنافقة الرؤى والتصورات.
عاش أولاد جارتنا المسخرين لتأكيد مصالح الآخرين , وسيلعنهم التأريخ وستدوس على رؤوسهم الجارة المراوغة المتاجرة بالدين , وما دينها إلا مصالحها وما مذهبها إلا وطنها , وما حزبها إلا شعبها , فتحية لكل جارة لديها أولاد أبرار لها وأعداء لمصالحهم وأبناء وطنهم , فكيف بربك ينكر البشر أمه وأباه , ويتمتع بحياة التبني لجارة تمنحه الشقاء؟!!
تحية إعجاب لجارتنا , والخيبة لأولادها الشرفاء!!