النسبة العظمى من أبناء الأمة تحت خط الفقر وفقا للتعريفات المعاصرة للفقر , فأين تذهب أموالها , وثرواتها التي تكفيهم وتزيد؟
عندما نقرأ الواقع الذي تمرغت به الأجيال على مدى أكثر من قرن , سيتبين أن الدول التي ولدت من رحم الحرب العالمية الأولى , وُضِعَت في خانة غنائم الحرب بعد أن إنتصرت الدول الأوربية المتحالفة على الدولة العثمانية , وتناهبت ممتلكاتها وفي مقدمتها دول الأمة , التي صارت (22) دولة.
ويبدو أنها بقيت ملكا للمنتصرين ومعظمها لا يزال كذلك , فالقوى المالكة لدولنا تنصب عليها مَن يخدم مصالحها ويديم مشاريعها الإستنزافية لها , ولا يعنيها المواطن , فالحكومات عليها أن تسرق الثروات والأموال وتودعها في مصارف تلك القِوى , أو تستثمرها فيها , ولا يحق لها الإستثمار في أوطانها والتفكير بحاجة المواطن , وتأكيد حقوقه وقيمته الإنسانية.
ولعبت مع الكراسي لعبتها اللعينة , وذلك بأن يتم توديع الأموال في مصارفها بأسماء وهمية أو أرقام سرية , وعندما تبلغ الأرصدة سقفها الملياري يُطاح بأصحابها , وتذهب الودائع للمصارف لمجهولية مالكيها.
وكم من الكراسي المغفلة نهبت من أموال البلدان وصمدتها في المصارف الأجنبية , بهذه الأساليب المخادعة المضللة لتوهم الكرسي بعدم معرفة ما عنده من قبل أهل البلاد , وتقضي عليه بإنقلاب مدبر , ليأتي غيره وتعاد اللعبة مرة أخرى , وهذا ربما يفسر كثرة الإنقلابات خصوصا بعد أن صارت أسواق النفط عامرة الثراء.
فلا يمكن تبرير عدم قدرة الحكومات المتعاقبة في البلدان الثريةعلى الإهتمام بالمواطنين والإعمار , وعجزها القضاء على الفقر , إلا بأن القائمين عليها من السرّاق والنهابين المسنودين بالمنتفعين من سرقاتهم , وهي القوى الكبرى الفاعلة في الدنيا , وخصوصاالمهيمنة بعد الحرب العالمية الثانية.
وعليه يمكن القول بأن دولنا ما عرفت حكومات وطنية , بل تابعة ومرهونة بإرادة أسيادها الذين وضعوها في الحكم , ولهذا عملت ضد الوطن والمواطنين , وإهتمت بالسرقات والإستحواذ على الممتلكات , والإثراء الفاحش وتهريب الأموال.
ففي معظم الدول النفطية خصوصا , لا يوجد قانون لتنظيم عائدات النفط , بل كل مَن في الحكم أو على رأس السلطة يحسب نفسه المالك المطلق لعائدته ويتصرف بها كما يحلو له , ويلقي بقليل منها إلى المواطنين ويحسبها مكرمات من جيبه الخاص.
وبموجب ذلك , إنمحقت قيمة الناس , وصودرت حقوقهم , وانتهكت حرماتهم , وتواصل حكمهم بالحرمان من أبسط الحاجات الضرورية لإدامة العيش الكريم.
فلآ بد أن يكون المواطنون أرقما ليسعد الحكام , ويدوم النهب والسلب والإنهزام!!