22 ديسمبر، 2024 6:03 م

وانا اتابع السيرة الجهادية للأمام الخميني هذا الرجل الطاعن في السن الذي شارف على الثمانين سنة وهو يقود ثورة شعبية عملاقة ضد ديكتاتورية استمرت لالاف السنين من القمع والقتل والتعذيب والموت بشتى انواعه ثورة بنفسجية ضمت شرائح المجتمع الايراني كافة ومن جميع اطيافه وبدون ان يلتفت الى ما يلتفت اليه الاخرون من ملذات الدنيا واهدافها المادية الانية من اموال او عظمه او تسلط او مناصب ثورة شعارها ترفع في وجهي البندقية ارفع بوجهك باقة الورد ثورة انبثقت من رحم المعاناة الطويلة رغم قلة الناصر وخذلان الصديق ثورة جاءت في زمن كان من الصعب ان تستمر فيه لعظم المؤامرات والمخططات الخبيثة ضدها من ومن كل الاتجاهات والاصعدة اقف مذهولا متسائلا كيف لرجل بهذا العمر وبهذه المنعطفات الخطرة ان يجعل من نفسه رقم صعب جدا في العملية السياسية العالمية والدولية في غضون ايام وجيزة ليحدث طفرة نوعية زمانية ومكانية غاية في الدقة وعمق الاهداف وترابطها ؟

كيف لي ان اتخيل في حينها ان لهذا الرجل همة تزحزح الجبال الراسيات وهو بهذا العمر وبظروف تكاد تكون غاية في الصعوبة والخطورة والتشدد وكيف لرجل رفع شعار الاسلام ومبادئ الدين الحنيف في ثورته في زمن كانت الافكار والرؤى ومفاهيم الحياة اليومية ولذاتها هي ضد الدين وضد كل من نادى وينادي به

شنت على هذا الرجل وهو في الايام الاولى لانتصار ثورته العظيمة حربا مفروضة ضروس من طاغية ارعن دامت ثمان سنين لا لأجل شيء سوى بدوافع عدوانية مدفوعة الثمن مقدما من دول الخليج وبتوجيه مباشر من رمز الشر والعدوان امريكا لم يقف حينها الخميني العظيم موقف المتفرج او المتخاذل بالعكس بل راح يدافع عن مكتسباته النبيلة والشريفة والعقائدية الثورية دفاعا مستميتا وليرفع من عزيمة الشعب الذي امن به وسار بتوجيهاته القمة طيلة فترة ايام الثورة ولينتصر له شعبه مرة اخرى ويضحي بالغالي والنفيس لاستكمال اهداف الثورة الاسلامية المباركة وليضع حد لتهور الطاغية صدام واهدافه الشيطانية

الخميني العظيم يرى الاسلام على مصاديقه الحقه وهي مصاديق الخير المطلق في مواجهة الشر المطلق بينما يرى عربان الخليج وخادمهم المطيع والذليل صدام المجرم واسيادهم الامريكان يرون بان الاسلام هو اسلام النفاق والدجل والمراوغة وكسب الضمائر بالمال وحب الدنيا رافعين شعار الاكل مع معاوية ادسم واكيدا شتان ما بين التوجهين والافكار جملة وتفصيلا .

فليس مهم عند حكام الخليج ان يكون الاسلام صوري فقط بوجهان وجه لطيف ووجه حقير مسموم والذين حاربوا امة الاسلام والتي اراد لها الخميني العظيم ان تحيى حياة حرة كريمة تسودها الانسانية والطمأنينة وحب الاخرين في الله المهم كان عندهم ولا زال الحكم فقط حتى وان يكن على حساب دماء الشعوب وهم الذين طالما ساندوا ودعموا الشاه ابان تسلطه على رقاب ايران الاسلام بكل ما يملكون من قوة ومنعة ولهذا شكل الخميني ووجوده وثورته العظيمة صدمة كبرى لهم وشوكة في اعينهم ولم يكن يوم من الايام لقمة سائغه لهم ولأهدافهم المسمومة

الامة الاسلامية وعت وادركت عمق شخصية الخميني الفذة وتطلعاته الانسانية الاسلامية الداعمة لكل المستضعفين في العالم شرقه وغربه رغم امكانياته المحدودة وظروف البلد القاسية آنذاك وتكالب دول العالم عليه لأسقاط وافشال ثورته المباركة اتخذ الشرفاء والوطنيون من ابناء الامة الاسلامية جميعا الخميني قدوة ونموذج حي واصيل للإسلام المحمدي المبارك وهم تحت ضلاله الكريمة ناهيك عن ما اثار الخميني من حاله ذهول وتعجب لدى فلاسفة الغرب المعاصرين له ولثورته ولعموم المثقفين والكتاب والمتابعين في الغرب للشأن الاقليمي والدولي

الخميني لم يكن حكرا على الشعب الايراني المسلم بل بالعكس كانت يده ممتده للشعوب المظلومة المتطلعة للحرية والكرامة شرق الارض وغربها فهو للعربي والفارسي والهندي والغربي فأهدافه لم تحدها الاماكن والازمنة فقد عاش الرجل وبذل حياته في سبيل الانسانية جمعاء انه يذكرنا بعمر المختار العربي وبغاندي الهندي وديسالين الفرنسي وتشي غيفارا وغيرهم من الثوار الذين نادوا بالحرية والتطلعات الانسانية والاهداف النبيلة لنصرة شعوبهم مع فارق القياس اكيدا الروحي والمعنوي والعقائدي بينهم وبين رمز الاسلام الخميني العظيم بقي الخميني رافضا لمبدئ القتل والقمع ومواجهة الدم بالدم فكان نداءه هو السلام وحب المسلم لأخيه المسلم فلا اعتقد ان هنالك صاحب ضمير حي لا يتأثر بهذا الرجل وثورته العملاقة الكبيرة التي هزت عروش الظالمين ودقت جرس الانذار لدى حكام العمالة والتسلط الدموي هنالك فرق بين شعارات الخميني العظيم التي امن بها وهي شعار الاسلام السمح والاعتدال وبين شعارات من تدعمهم دول الخليج والسعودية والذين ينادون بالإسلام الدموي والتكفيري والتذي يفجر الابرياء والعزل وعلى طول الزمان ثقافة وشعارات مختلفة جذريا

فلا الاموال الطائلة التي دفعت من عربان الخليج ولا الاسلحة التي دعمت الطاغية صدام ابان الحرب المفروضة على الجمهورية الاسلامية في ايران من قبل دول الاستكبار ولا القصائد والاغان التهريجيه الجماهيرية البعثيه ولا مسارح السب والشتم والرذيلة ولا الاعلام الممول المدعوم دوليا استطاع ان يمد امام حضرة وقدسية هذا الرجل القائد الاسلامي الفذ وثورته الجماهيرية الكبرى .

حاربت دول الاستكبار الغربي الامام الخميني بكل جهدها وبكل وسائلها المتاحة المدعومة ماديا بسبب ثورته الاسلامية وعدائه المعلن للكيان الصهيوني الغاصب وكرست التشويه الاعلامي كمادة مهمة لها ضده وضد ثورته السمحاء المباركة المؤيدة الاهيا وشعبيا

رجل رفض ان يكون صاحب مال وجاه وعنفوان وتسلط وباحث عن مناصب دنيويه رجل عاش حياته ببساطه وختمها ببساطه ترك وصيه مخاطبا فيها شعبه الابي استأذنكم للرحيل الى ربي وسامحوني على التقصير كان يوم رحيله يوم حزين تجمعت الملايين من الكتلة البشرية تنعاه بألم وحرقه مفارقة رمزها وعنفوان وجودها وصمودها وانسان انسانيتها بينما كان لأعدائه الغزي والعار المذلة فاغلبهم مات وهو ملهوف على حب الدنيا وزخرفها او تم شنقه بسبب انتهاء عمالته وخدمته لأسياده .

مثل هكذا رجل استحق ان تقف تحت ضلال امة كاملة بشيبها وشبابها ونساءها وشيوخها .

رجل حير طاغية زمانه الشاه الملعون فجعله بعد الاف السنين من توارد الحكم الى مذهولا فجعا لا يستطيع تحريك ساكن رغم حجم سلطته الدموية الفاشية المدعومة من الاستكبار العالمي فكيف يصدق الشاه ما تراه عينه او تسمعه اذنه من ان الثورة حطمت جبروته واغزته وسقطت بيد الثوار كل المدن والقرى تباعا وبسرعة مذهله رغم ما بناه من خوف ورعب وقتل في نفوس الشعب الايراني كيف يصدق الشاه ان الخميني ضربه ضربه قاضية لا مفر منها

رجل يساله الصحفي الفرنسي وهو على باب الطائرة التي تريد الاقلاع به بعد انتصار الثورة الى طهران ما هو شعورك يجيب لا اشعر بشيء … فبقي الصحفي منذهل وحقه ان يذهل فكيف لا يشعر بشيء وهو منتصر وقائد وعائد الى بلده مرفوع الراس
هذا هو الانسان الكامل الذي طلق الدنيا وما فيها وبحث عن رفعة الاسلام وتعاليمه الكريمة رافع شعار الاسنان حر ابي ولهذا رفعته اكف الملايين من ابناء شعبه الايراني المسلم فلا عجب من ذلك فهو القائد المضحي الامين رجل عاش حياته مدافع عن شعبه وشعوب الاسلام ضد طغيان الحكام وجبروتهم .

كان ولا يزال الاعلام المسموم البعثي والخليجي والاستكباري الصهيوني يرفع شعارات خبيثه لتشويه صورة الخميني العظيم امام مرأى الشعوب العالمية وبدعم مادي غير مسبوق لكي يفنوا تاريخ وقصة هذا الرجل العملاق فلم يستطيعوا ذلك لان اغلب الشعوب والامم وعت حجم المؤامرة وميزت الحق من الباطل والثورات التي نعيشها خير دليل .

اين الاموال السعودية الطائلة التي تريد ان تطمس حقائق التاريخ واين الاسلحة الامريكية والصهونية واين العداء الذين استمر عقود من الزمن ضد الامام الخميني العظيم فكانت النتيجة عكسية وغير ما يتوقعون فالخميني بقي ولا زال باق في الاذهان وهو قدوة للأحرار والذين يتطلعون لحرية الفرد وانسانيته ليبقى خالد الى الابد رغم كل التحديات والظروف الاستثنائية رحل الامام الخميني خالدا ولسان حالنا الان يقول في حقه قول الشاعر .
يموت الخالدون في كل فج …. ويستعصي على الموت الخلود