سورة الفيل فيها معاني عميقة ودلالات بديعة ذات منطلقات سلوكية رصينة فاعلة في الواقع الأرضي , وفقا لإرادة النواميس الكونية الضابطة للكينونة الوجودية.
والفيل في السورة ربما يرمز لأكثر من معنى إذ يتصل بنوازع الشرور والأضاليل والعدوانية على المُثل والقيم والمعاني الروحية السامية.
وأصحاب الفيل قد يكونون كما جاء في العديد من التفاسير , وربما يمكن القول وفقا لمعطيات العصر أنهم أصحاب الكراسي المتجبرين الظالمين المتمسكين بالسلطة , والذين بسلوكهم الخبيث يهدفون إلى خراب عمارة الدين والدنيا , وبيت وجودهما الإنساني.
وعلى هؤلاء تُرسَل الطير الأبابيل , التي هي كما ذُكِرت في زمانها , وفي عصرنا فأن الجماهير الثائرة المطالبة بحقوقها هي الطير الأبابيل , التي ترميهم بمشاعل إرادتها الحية وقوتها الثاقبة وقدراتها الإنسانية النبيلة , الساعية إلى التعبير عن رسالة السماء الرحيمة السمحاء , وستجعلهم كعصفٍ مأكول بعزيمة الرب العظيم المَكين.
وعليه فأن أي سلوك يُعادي مسار الحياة الطيبة الصالحة للبلاد والعباد , يستنهض أبابيل الرد والهجوم عليه بأمضى سلاح , ليقتلعه وينهيه.
وما يحصل في الواقع الثائر أن أبابيله الشبابية الطالعة من بحر الويلات والتداعيات , والمظالم والحرمان من أبسط الحاجات , حملت روحها بأكفها , ورمتهم بشهب الكبرياء والعزة والكرامة الشماء , وستحيلهم جميعا إلى هباء.
فلن ولن يتمكنوا من الصمود بوجه أبابيل الوجود الوطني المنبثقة من رماد الخيبات والإنكسارات , وإن مصير أصحاب الكراسي سيكون أسوأ من مصير أصحاب الفيل , الذين صار كيدهم في تضليل , وغشيهم الموت الزؤام وفتك بهم السُقام , حتى مات كبيرهم ذليلا , وأهانهم رب العزة والكبرياء , وها نحن سنشهد إنحدار أصحاب الكراسي إلى حيث إنتهى أصحاب الفيل.
فتحية للأبابيل المغردة بلسان الوطن , التي ترميهم بحجارةٍ من سجيل.
فقل إن النصر قريب , وإن لكل كرسيٍّ يوم عصيب!!