هناك قِوى فاعلة تتبنى أقلاما وتؤهلها نفسيا وسلوكيا للقيام بأفعال التجني على ذاتها وموضوعها ووطنها وما يمت بصلة إليها , فتبدو وكأنها أكثر غيرة على مصالح تلك القوى ودولها وسيادتها , وتدافع عنها بإستماتة وتفانٍ منقطع النظير , فتتفوق على مواطنيها بهذا السلوك الخطير.
ولابد من تقديم التحية لتلك القوى والتعبير عن الإعجاب والتقدير لها , لأنها تعلمت مهارات صيانة مصالحها الوطنية بتسخير الآخرين وتبنيهم وتدجينهم وترويضهم , لكي يقوموا بالواجب على أحسن مما يؤديه مواطنوها.
وهذه القوى إقليمية وعالمية , وتقرأ لأقلام تدافع عنها بقوة وتواجه أي قائل بغير ما تراه وتريده وتتطلع إليه تلك القوة.
وعندما تقرأ كتاباتهم يتكشف بهتانهم وتضليلهم وحجم العواطف السلبية والإنفعالات المؤدلجة , التي تنث سموم كلماتهم على السطور التي تستغيث من أقياح ما فيهم.
فهذه أقلام موالية لهذه الجهة أو تلك , وهذه ضد هذه الجهة أو تلك , مما ينجم عنه كتابات تصارعية وكأنها في حلبة صراع الديكة أو الثيران , ولا يستفيد منها القارئ شيئا , وكأنه يشاهد مشاجرة سمجة بين إثنين , الرابح فيها مَن تبناهما وبرمجهما ليكونا في حلبات الخسران وخنادق البهتان السقيم.
فما نفع ما يكتبونه من الهذيانات والأضاليل وما يروّجون له من رؤى وتصورات ظلامية دموية , تكنز الأحقاد والكراهيات والعدوانية السافرة على الفضيلة والمعاني الإنسانية , ولا تجد فيما يكتبونه سوى الرذيلة والكلمة الخبيثة وما يضر الناس ويؤذيهم ويهلك معالم الحياة ويدميها.
ترى ألا ترعوي هذه الأقلام وتشعر بالخجل وببعض الغيرة على وطنها وقيمها وأخلاقها , أم أنها باعت كل شيئ في مزادات الطاعة العمياء والتبعية السوداء , والخنوع الإستعبادي لمن يؤمن بالعدوان على الإنسان والحياة , وفقد الحياء؟!!
إن من الصعب تفسير إنحدار بعض الأقلام إلى قيعان الإنتماء الحقيقي للطامع بوطنها , والساعي إلى تدمير المواطنين ومصادرة حقوقهم وتطلعاتهم , بإسم ما يراه من هذيانات وتصورات خسرانية , وأوهام عقائدية تعصف في أرجاء وعيه كأنها البركان.
تلك معضلة مروعة لن تجدها إلا في مجتمعات أتلفتها عظايا العدوان والبهتان!!
فهل من يقظة يا أقلام التبني والتجني والإمتهان؟!!
فاحذروها , إنها عدوة الوطن والإنسان!!