23 ديسمبر، 2024 10:24 ص

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد(95)

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد(95)

مسألة (32): العدالة المعتبرة في مرجع التقليد بل مطلقاً عبارة عن الملكة المانعة غالباً عن الوقوع في المعاصي، بما فيها فعل المحرمات وترك الواجبات ولا يضر اللمم بوجودها، وهو الإلمام بالذنب أحياناً قليلة وخاصة مع المبادرة إلى التوبة.
——————————————————–
الحديث في هذه المسألة عن العدالة من ناحية الثبوت بعد أن عرفنا في مسألة سابقة العدالة من ناحية الإثبات.
والأثبات هو فرع الثبوت، لأن الثبوت هو الواقع الخارجي والإثبات هو التعرف على الواقع الخارجي,
والعلم بالشيء فرع الشيء المعلوم.
إن هذه المسألة ،أي: متـنها ومضمونها يصلح جواباً على سؤال:
ما هي العدالة؟
وهنا السيد الشهيد محمد الصدر((قدس سره )) يذهب إلى أن عدالة مرجع التقليد هي نفسها بالنسبة لغير المرجع لذلك قال (بل مطلقاً) يعني: أن العدالة في مرجع التقليد وغيره هي عبارة عن الملكة المانعة عن الوقوع بالمعاصي.
وفي الحقيقة أن هذه المسألة من أهم المسائل وطريقة عرضها تكشف عن المستوى الرفيع الذي يتحلى به السيد الشهيد محمد الصدر ((قدس سره)).
وهنا ينبغي تسليط الضوء على بعض المفردات التي جاءت في التعريف وليكن البدء من الأسهل إلى الأصعب.
ما هي المعاصي؟
المراد من المعاصي هنا هو ترك الواجبات وفعل المحرمات حيث قال: (بما فيها فعل المحرمات وترك الواجبات ).
ولا يدخل معصية المستحبات والمكروهات في مراد السيد من المعاصي. نعم، هي معاصي على المستوى الأخلاقي الأعلى ــ لأن الفقه والتعاليم الفقهية ــ هي المستوى الأساسي الأخلاقي. وهذا ما برهن عليه السيد محمد الصدر ((قدس سره)) في كتابه الرائع (فقه الأخلاق) فالفقه هو أحد مستويات الأخلاق الأساسية.
بل هو البوابة الرئيسية التي يجب على كل أخلاقي وعرفاني أن يدخلها ويراعيـها مهما بلغ من مستويات رفيعة .
فالعدالة فقهياً تهتم بترك المعاصي على المستوى الفقهي. والمعاصي هي كما قلنا فيما سبق ترك الواجبات وفعل المحرمات.
ما المراد من مانعة غالباً؟
أي: أنها على الأغلب تمنع النفس من فعل المعاصي ويقابل غالباً أحياناً.
فالعدالة المعتبرة هي ما تمنع النفس غالباً وليس ما تمنع النفس أحياناً فإن هذه ليست عدالة معتبرة.
ما هي الملكة؟
هي كيف نفساني راسخ أو صفة راسخة في النفس .
وملكة العدالة المعتبرة لا بد أن تكون غالبة للنفس في الأغلب ولا يضر بوجودها اللمم أحياناً.
ما هو اللمم؟
فقد عرف السيد محمد الصدر اللمم في نفس المسألة هو الإلمام بالذنب أحياناً.
فملكة العدالة تكون غالباً غالبةً وتكون مغلوبة أحياناً في اللمم بحسب مضمون هذه المسألة.
وفي الحقيقة أن هناك وجه أخر يرى أن العدالة ملكة مانعة في كل الأحيان ويضر بها اللمم ما لم تحصل التوبة (ملكة مانعة دائماً)..
وهذا الوجه لا يختاره السيد الشهيد محمد الصدر((قدس))
وللحديث بقية إذا بقيت الحياة…