22 ديسمبر، 2024 11:41 م

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد(82)

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد(82)

مسألة (24): إذا كان مجتهداً غير عادل أو غير أعلم أو غير ذكر أو غير بالغ جاز له العمل بفتواه لنفسه ولم يجز له تقليد الآخر، وإن كان أعلم. نعم الأحوط له العمل بالاحتياط في بعض المسائل.
————————————————————
هذه المسألة تتكلم عن تكليف المجتهد الذي يكون ليس أهلاً للمرجعية في التقليد فقد عرفنا في مسألة (23) إنه يحرم على هذا المجتهد الفتوى بقصد عمل الغير بها يعني يحرم عليه التصدي للمرجعية ما دام غير جامع للشرائط.
أما في هذه المسألة فإن الحكم فيها هو عدم جواز عمل هذا المجتهد بطريق التقليد يعني: لا يجوز له أن يقلّد المجتهد الجامع للشرائط. وقد مرّت علينا مسألة (1) التي كان الحكم فيها وجوب التقليد على المكلف الذي لم يبلغ رتبة الاجتهاد.
وأما من بلغ رتبة الاجتهاد فلا يجب بل لا يجوز له العمل بالتقليد بل لا بد أن يعمل وفق علمه،
أي يسلك طريق الاجتهاد. فالصبي الذي بلغ رتبة الاجتهاد فإنه يسلك طريق الاجتهاد يعني: يعمل وفق علمه واجتهاد, والمرأة التي بلغت رتبة الاجتهاد فإنها تعمل وفقاً لعلمها (اجتهادها ).
وغير الأعلم أيضاً يسلك طريق الاجتهاد وهكذا بالنسبة لكل مجتهد فاقد للشرائط فإنه لا يجوز له التقليد. لأن موضوع التقليد هو الفرد العامي أي: الفرد الذي لم يبلغ رتبة الاجتهاد.
وفي هذه المسألة استعمل السيد محمد الصدر لفظ ((جاز)) وأراد بها المعنى الأعم يعني: ما يشمل الوجوب والحكم الوضعي.
( نعم الأحوط له العمل بالاحتياط في بعض المسائل)
هذا الاستدراك من قبل السيد محمد الصدر(قدس) هو دفعُ دَخلٍ يعني: يدفع بها سؤالاً يخطر في البال وهو أن الاجتهاد مغلق في موارد التردد كما هو الحال في مسألة(16). والسيد يُفتي بالعمل بطريق الاحتياط موارد التردد على الأحوط وجوباً.
سؤال: من هو الذي يكون موضوعا لهذه المسألة؟
الجواب: هو المجتهد الفاقد لشرائط المرجعية.
وعلى ضوء هذا الجواب يخطر في البال إشكال وهو أن عمل المجتهد بهذه الفتوى فقد قلّد السيد محمد الصدر((قدس)) وهو خلاف الفتوى بل لا يجوز ذلك.
وهذا الإشكال وجيه وليس مراد السيد محمد الصدر((قدس)) أن يقلّده المجتهد الفاقد للشرائط. بل أن موضوعها هو المجتهد الذي يُفتي بهذه الفتوى.
فلو كان السيد محمد الصدر((قدس)) فاقداً للشرائط لعمل بمضمون هذه الفتوى وهذا الفرض غير واقعي لأن السيد محمد الصدر((قدس)) هو الأعلم المطلق.
وفي حال وجود مجتهد غير جامع للشرائط ويتفق مع السيد محمد الصدر((قدس)) بهذه الفتوى فإنه يعمل بمضمونها.
أي لا يجوز له العمل بالتقليد. ولكنه أي هذا المجتهد قد يُفتي بجواز العمل بطريق الاحتياط في عموم المسائل فيكون بحسب فتواه مخيراً بين العمل بالاجتهاد أو العمل بالاحتياط.
بل أن العمل بالاحتياط في بعض المسائل يكون عن طريق العمل بأحوط القولين بينه وبين المجتهد الأعلم ,لأن أحوط أقولين هو أحتياط جزئي في بعض المسائل الحجة وهي من أهم مصاديق الأحتياط الشرعي, ولكن لو دققنا النظر سوف ينكشف لنا أن أحوط القولين هو أحد صور التبعيض في التقليد , فالمجتهد غير الأعلم أو الفاقد للشرائط عندما يعمل بأحوط القولين فإنه تارة يعمل بقول الأعلم إن كان أحوط وأخرى يعمل بقوله إن كان أحوط , وعلى هذا الأساس أستدرك السيد الشهيد محمد الصدر (بنعم),
فالسيد الشهيد حين يقول: (الأحوط له العمل بالاحتياط في بعض المسائل)،باعتبار إنه لا يجوز العمل بالاحتياط في عموم المسائل ــ فيكون الأحوط وجوباً ــ العمل بالاحتياط في بعض المسائل في موارد التردد بالفتوى كما لا يخفى لكل من تدبر وفكّر ونهل من نور ومعين الصدر المفكر.
وللحديث بقية إذا بقيت الحياة….