23 ديسمبر، 2024 4:50 ص

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد — 98

أضواء على كتاب اﻹجتهاد والتقليد — 98

مسألة (34): إن كثيراً من المستحبات المذكورة في أبواب هذه الرسالة يبتني استحبابها على قاعدة التسامح في أدلة السنن، فيتعين الإتـــيان بها برجاء المطلوبة. وأما الاحتياطات المذكورة فيها فإن كانت مسبوقة بالفتوى أو ملحوقة بها فهي استحبابية يجوز تركها وإلا فهي وجوبية. ويلحق بالأول ما إذا قلنا: يجوز على إشكال أو على تأمل. ويلحق بالثاني ما إذا قلنا: يجب على إشكال أو على تأمل أو قيل كذا أو فيه تأمل أو فيه إشكال أو هو المشهور بدون فتوى بـإزائه.
——————————————–
من خلال المسائل السابقة تعرضنا إلى هذه المسألة بالإشارة إليها أو جعلها قرينة، ولكن لا أريد الاكتفاء بالشرح المتناثر في الشروح السابقة بل أتعرض لشرحها بشيء من الاختصار وتجنب التكرار.
هذه المسألة تتناول المستحبات والاحتياطات وما يحلق بها .
أما المستحبات فهي جمع مستحب والمستحب هو ما تعلق بحكم الاستحباب, ولكل حكم دليله الخاص به.
والاستحباب تارة يتعلق بالعبادات وأخرى بغيره العبادات كالابتداء بالسلام فهو مستحب لا يشترط فيه النية (يعني غير تعبدي).
فأتـحدث أولاً عن المستحب ودليله ومن ثم المستحب التعبدي.
عرفنا في مقدمة الكتاب إن الحكم الشرعي لابد من وجود دليل يثبته.
والاستحباب له أدلته الخاصة به. ومن هنا ومن خلال نوع وقوة دليل الاستحباب انقسم الاستحباب إلى نوعين:

النوع الأول: الاستحباب الأكيد: وهو ما كان دليله معتبراً سنداً ودلالة يعني: قيام حجة شرعية على صدوره عن المعصوم ((عليه السلام)) والتشدد السندي هو القاعدة الأساسية التي تُبنى عليها الفتاوى، والرواية الضعيفة السند لا تصلح أن تكون دليلاً على حكم شرعي وضعي أو تكليفي إلزامي.
وحكم الاستحباب الذي يكون دليله معتبر يُــسمى استحباب أكيد.

النوع الثاني: الاستحباب الذي يكون دليله ضعيف السند. فإن المجتهد يُـفتي بالاستحباب اعتماداً على قاعدة التسامح في أدلة السنن. والتسامح هو ضد التشدد.
والسنن جمع مفرده سنة، ويراد بالسنة هنا: ما يقابل العزيـمة والفريضة يعني: المستحبات .
فالرواية التي فيها طلب استحبابي يحتمل أن يكون هذا الطلب صادراً عن الشارع باعتبار أن الرواية ضعيفة السند.
إن العبادة المستحبة تارة يكون دليلها معتبر وعندها تؤدى بنية جزمية، لقيام الحجة الشرعية على صدورها من المعصوم.
وتارة تكون العبادة المستحبة مبنية على دليل ضعيف اعتماداً على التسامح في أدلة السنن.
وهنا يتعين الإتيان بها بنية رجاء المطلوبية (نية احتمالية) لعدم إحراز مطلوبـيــتها.
بل أن مطلوبـيـتها محتملة, فلابد أن تؤدى بنية رجاء المطلوبية.
أما المستحبات غير التعبدية فهي لا تحتاج إلى نية, وقاعدة التسامح في أدلة السنن تصلح أيضاً لإثبات المكروهات.
وللحديث بقية إذا بقيت الحياة…