مسألة (23): من ليس أهلاً للمرجعية في التقليد يُحرم عليه الفتوى بقصد عمل غيره بها. كما أن من ليس أهلاً للقضاء يُحرم عليه القضاء ولا يجوز الترافع إليه ولا الشهادة عنده. والمال المأخوذ بحكمه حرام وإن كان الآخذ محقاً، إلا إذا انحصر استنقاذ الحق المعلوم بالترافع إليه.
————————————————————
بعد أن عرفنا فيما سبق عدم جواز تقليد من ليس أهلا للمرجعية (الفاقد للشرائط) ويجب على العامي العدول إلى من هو أهلا للمرجعية (المجتهد الجامع للشرائط) في هذه المسألة الحديث عن هذا الشخص الذي ينطبق عليه هذا العنوان.
من هو من ليس أهلاً للمرجعية؟
من خلال الشرائط نستطيع أن نعرف من هو ليس أهلاً للمرجعية, فالعامي ليس أهلا للمرجعية, والمجتهد الفاقد للشرائط ليس أهلاً للمرجعية ولا حاجة للتفصيل في ذكر الأفراد والمصاديق بل هي متروكة للقارئ اللبيب.
ولكن المراد في هذه المسألة هو المجتهد الفاقد للشرائط بدليل أنه يقول: ( من ليس أهلاً للمرجعية في التقليد يُحرم عليه الفتوى بقصد عمل غيره بها.)،
فالمسألة موضوعها المجتهد الفاقد للشرائط كالأنثى التي بلغت رتبة الاجتهاد أو المجتهد غير الأعلم وهكذا.
فالحكم هو حرمة الفتوى بقصد عمل الغير بها. ولكن، الحرمة ترتفع إذا لم يقصد من الفتوى عمل الغير بها كأن يقصد الأخبار أو التعلم والمهم هو عدم قصد تقليد الآخر له.
(. كما أن من ليس أهلاً للقضاء يُحرم عليه القضاء ولا يجوز الترافع إليه ولا الشهادة عنده.)
من المعلوم أن من يكون أهلاً للقضاء هو المجتهد الجامع للشرائط عدا شرط الأعلمية، يعني أن القاضي ينبغي أن يكون مجتهداً مسلماً مؤمناً عادلاً ذكراً طاهر المولد عاقلاً بالغاً حياً رشيداً.
والأعلمية ليست شرطاً في القاضي, ويمكن أن يمارس القضاء المكلف العامي بالوكالة عن المجتهد الجامع لشرائط القضاء إذا كان هذا العامي له علم وفضيلة.
إن الترافع إلى غير القاضي الشرعي حرام بل والشهادة عنده حرام, ويجوز الترافع إلى القاضي الشرعي غير الأعلم وإذا حكم بحكم قضائي يجب على المترافعين تطبيقه وإن كانوا يقلّدون غيره.
وستأتي مسألة (29) التي تتناول موضوع الولاية والقضاء.
لأن المجتهد له ثلاثة مناصب شرعية:
1ـ الفتوى: يعني إصدار الفتوى لأجل عمل الآخرين بها وتسمى ولاية الفتوى.
2ـ القضاء: هي ولاية القضاء في حل النزاعات والمرافعات عن طريق إصدار الأحكام المستندة الى البيّنات والأيمان.
3ـ الولاية: وهي منصب شرعي به يكون للمجتهد حق الطاعة على المكلفين في حدود المصلحة ومن خلاله يصدر المجتهد أوامراً ونواهياً(حكم بالولاية).
ومن المؤسف جداً أننا نجد عدم الوعي لهذه المسائل وخصوصاً مسألة حرمة الترافع إلى القاضي غير الشرعي.
وهذه المسألة يُفتي بها جميع فقهائنا بما فيهم المراجع الأحياء (أدام الله ظلهم)،
وعلى هذا الأساس ومن باب الشعور بالمسؤولية تجاه الله سبحانه وتعالى قام السيد الشهيد محمد الصدر((قدس)) وفي ذلك الزمن الصعب زمن الطاغوت المقبور صدام الهدام، قام السيد وبشجاعة الأبطال بتأسيس المحاكم الشرعية وعيّن في وقتها قضاة شرعيين.
وكان أشهرهم الشهيد مصطفى الصدر ((قدس)) النجل الأكبر للسيد الشهيد محمد الصدر ((قدس)) وهؤلاء قضاة بالوكالة عن السيد محمد الصدر((قدس)).
( والمال المأخوذ بحكمه حرام وإن كان الآخذ محقاً )
لو حصل نزاع بين شخصين على مال وترافعا إلى قاضٍ غير شرعي وحكم بأن المال لأحدهما هذا المال حرام. يعني: باطل الملكية وإن كان الآخذ محقاً.
هذا على نحو القاعدة العامة. ما لم استثناء، كما قال السيد في هذه المسألة:
( إلا إذا انحصر استنقاذ الحق المعلوم بالترافع إليه).
يعني: مع الانحصار بالترافع إلى مثل هذا القاضي يجوز، لاستنقاذ لحق المعلوم وليس الحق المشكوك أو المحتمل أو المظنون.
والمحاكم الرسمية تسمى المحاكم العرفية ومن المؤكد أن القضاة ليسوا مجتهدين يقيناً وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
وما الضير لو أن القضاة يحصلوا على وكالة من مراجع التقليد أو من مجتهد جامع لشرائط القضاء وهذا الأمر ليس مستحيلا، بل هو في غاية اليسر لو كانت الهمة موجودة.
وللحديث بقية إذا بقيت الحياة…