مسألة (21): تثبت عدالة مرجع التقليد بأمور:
الأول: العلم بالاختبار أو بغيره ويراد بالعلم ما يعم الاطمئنان بل والوثوق أيضاً.
الثاني: شهادة العدلين بها.
الثالث: شهادة العدل الواحد أو الثقة مع حصول الوثوق الشخصي بقوله.
الرابع: حسن الظاهر والمراد به حسن المعاشرة والسلوك الديني بحيث لو سأل غيره عن حاله لقال لم نرَ منه إلا خيرا.
——————————————–
وإليك شرح هذه المسألة حيث ذكر السيد محمد الصدر((قدس)):
(تثبت عدالة مرجع التقليد بأمور:
الأول: العلم الحاصل بالاختبار أو بغيره ويراد بالعلم ما يُعم الاطمئنان بل والوثوق أيضاً)
يعني أن العلم يحصل بالاختبار أو بغير الاختبار من الطرق التي يحصل منها العلم بالعدالة.
والعدالة المعتبرة هي الالتزام بجميع الواجبات وترك جميع المحرمات.
إن كلمة علم تدل على القطع واليقين، ولذلك احتاج السيد الشهيد محمد الصدر((قدس)) إلى أن يبيّن مراده من العلم لأن مدلول العلم هو خصوص اليقين.
فالسيد الشهيد محمد الصدر ((قدس)) حينما قال: ( ويُراد بالعلم ما يُعم الاطمئنان بل والوثوق أيضاً )، يعني: مراد السيد محمد الصدر ليس العلم فقط بل الاطمئنان والوثوق.
لأن لفظ العلم لا ينصرف إلى الاطمئنان والوثوق، فاحتاج السيد لبيان مراده لا أن العلم يصدق على الاطمئنان والوثوق أعني من حيث الانصراف.
لأن لفظ العلم مصطلح عند الفقهاء يريدون به خصوص القطع واليقين.
أو كما يذهب إليه علماء الأصول (أن الإطلاق ينصرف إلى الفرد الأكمل ).
وحيث أن العلم له ثلاث حصص وهي القطع والاطمئنان والوثوق فإن مقتضى إطلاق لفظ العلم ينصرف إلى القطع باعتباره الفرد الأكمل.
لذلك السيد الشهيد محمد الصدر ((قدس)) قد بيّن أن مراده هنا في هذه المسألة من العلم ليس الفرد الأكمل بل الحصص الأخرى الاطمئنان والوثوق.
وهذه الحصص الثلاثة تسمى (مراتب العلم العرفي) وهي:
1ـ القطع: وهو الفرد الأكمل والمرتبة الأعلى وهو انكشاف قضية بدرجة لا يشوبها شك.
2ـ الاطمئنان: وهو دون القطع بحيث يطمئن القلب ويستقر به ولو مثلناه بدرجة فهو بين 85% إلى 99% وقد ذهب بعض علماء الأصول إلى حجيته بحكم العقل كالشهيدين الصدرين ((قدس)).
أضافة إلى تعبد الشارع باتباعه الاطمئنان خصوصاً لمن لا يرى حجيته بحكم العقل.
3ـ الوثوق: وهو درجة ومرتبة أدنى من الاطمئنان ويمكن تمثيله رقمياً بين الـ 70% إلى 84%.
إن لفظ العلم في الرسالة العملية ينصرف بإطلاقه إلى الفرد الأكمل وهو القطع ما لم يقيّد.
وقد قيّد السيد محمد الصدر((قدس)) حيث قال: ( ويُراد بالعلم ما يعمُ الاطمئنان بل الوثوق أيضاً.) ولولا هذا التقييد لكان المراد هو القطع واليقين وضعاً أو إنصرافاً .
إن القطع والاطمئنان هما من الإثبات الوجداني باعتبار أن حجيتهما هي بحكم العقل وليس بالتعبد الشرعي لأن السيد الشهيد محمد الصدر((قدس)) يذهب إلى أن الاطمئنان حجة بحكم العقل فضلا عن التعبد بحجيته كما ذهب اليه الاخرون.
نعم، إن الاطمئنان لا يستحيل صدور الردع من الشارع عنه, بخلاف القطع فأنه تجري فيه القاعدة الأصولية وهي: ( استحالة صدور الردع من الشارع عن القطع .) بمعنى أن القطع غير قابل للتعليق.
أما الاطمئنان فإنه قابل للتعليق من قبل الشارع.
إن القطع والاطمئنان حجة في كل مسائل الفقه.
أما الوثوق فإنه قد يكون حجة شرعية في مسائل كهذه المسألة وقد يكون غير حجة ويعامل معاملة الظن غير المعتبر في بعض المسائل.
وهذا متروك للطالب اللبيب والباحث الذكي في استقصاءه.
والخلاصة أن من حصل له قطع بالعدالة كان ذلك إحرازاً لها.
وكذلك من حصل له الاطمئنان بالعدالة فإنه إحرازٌ لها.
وكذلك الأمر بالنسبة للوثوق بالعدالة.
لأن السيد محمد الصدر((قدس)) يفتي بكفاية الوثوق لإحرازها والتعويل عليها.
ولكن ينبغي أن يكون العلم والاطمئنان والوثوق عن اختبار أو عن أي شيء يؤدي إلى القطع والاطمئنان والوثوق، كالتواتر.
((الثاني: شهادة عدلين بها))
وتسمى اصطلاحاً : البيّنة: وهي حجة شرعية بغض النظر عن إفادتها للوثوق أو الظن بمعنى ان من تقوم لديه بيّنة (يعني: شاهدان عادلان ) فهي حجة عليه.
وليس له الحق أن يرفضها إلا في حالة واحدة وهي لو كان لديه علم أو إطمئنان على خلافها.
يعني: مثلا كأن يرى بعينه أن هذا الشخص قد ارتكب حراماً وفي نفس الوقت قامت لديه بينة على عدالة هذا الشخص، فعندها يقدّم العلم على البيّنة.
فالبيّنة في غير هذه الحالة حجة سواء أفادت الاطمئنان أو الوثوق أم لا.
والشيء الملفت أن السيد محمد الصدر((قدس)) رتب الأمور التي تثبت بها العدالة من الأعلى يعني تنازليّاً.
والبيّنة هي إحراز تعبدي وليس إثبات وجداني ولكنها حجة شرعية بالتعبد.
يعني: لولا أن تعبدنا الشارع بالتعويل عليها إثباتاً ونفياً، لم يحكم العقل بحجيتها.
وللحديث بقية إذا بقيت الحياة….